اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 387
(ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه) أختلف أهل العلم في ذلك فذهبت طائفة إلى أنها محكمة وأنه لا يجوز القتال في الحرم إلا بعد أن يتعدى متعد بالقتال فيه فإنه يجوز دفعه بالمقاتلة له، وهذا هو الحق، وقالت طائفة أن هذه الآية منسوخة بقوله تعالى (فاقتلوا المشركين حيث وجدتموهم) ويجاب عن هذا الاستدلال بأن الجمع ممكن هنا ببناء العام على الخاص فيقتل المشرك حيث وجد إلا بالحرم، ومما يؤيد ذلك قوله صلى الله عليه وآله وسلم: " إنها لم تحل لأحد قبله وإنها أحلت لي ساعة من نهار "، وهو في الصحيح [1].
وقد احتج القائلون بالنسخ بقتله صلى الله عليه وآله وسلم لابن خطل وهو متعلق بأستار الكعبة، ويجاب عنه بأنه وقع في تلك الساعة التي أحل الله لرسوله صلى الله عليه وآله وسلم.
(فإن قاتلوكم) أي في المسجد الحرام، هذا مفهوم الغاية (فاقتلوهم) أي فقاتلوهم (كذلك) أي القتل والاخراج (جزاء الكافرين) مطلقاً بأن يفعل بهم مثل ما فعلوا بغيرهم، فثبت بهذا تحريم القتال في الحرم إلا أن يقاتلوا فيقاتلوا ويكون دفعاً لهم [1] سبق ذكره.
(فإن انتهوا) عن قتالكم وعن الكفر ودخلوا في الإسلام (فإن الله غفور) لما سلف (رحيم) بعباده حيث لم يعاجلهم بالعقوبة.
(وقاتلوهم) فيه الأمر بمقاتلة المشركين ولو في الحرم وإن لم يبتدؤوكم بالقتال فيه، وهذا هو الذي استقر عليه الحكم الآن (حتى) أي إلى غاية هي أن (لا تكون فتنة ويكون الدين لله) وهو الدخول في الإسلام والخروج عن سائر الأديان المخالفة له فمن دخل في الإسلام وأقلع عن الشرك لم يحل قتاله، وقيل المراد بالفتنة هنا الشرك والظاهر أنها الفتنة في الدين عما عمومها كما سلف.
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 387