اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 336
(وإذا قيل لهم اتبعوا ما أنزل الله قالوا بل نتبع ما ألفينا عليه آباءنا) الضمير في (لهم) راجع إلى الناس في قوله (يا أيها الناس) لأن الكفار منهم، وهم المقصودون هنا فعدل عن المخاطبة إلى الغيبة على طريق الالتفات،
(إنما يأمركم) قيل استعير الأمر لتزيينه وبعثه لهم على الشر تسفيهاً لرأيهم، وتحقيراً لشأنهم قاله البيضاوي، وقيل لا حاجة إلى صرف الأمر عن ظاهره لأن حقيقته طلب الفعل، ولا ريب أن الشيطان يطلب السوء والفحشاء ممن يريد إغواءه (بالسوء) سمي السوء سوءاً لأنه يسوء صاحبه بسوء عاقبته، وهومصدر ساءه يسؤه سوءاً ومساءة إذا أحزنه (والفحشاء) أصله سوء المنظر ثم استعمل فيما يقبح من المعاني، وقيل السوء القبيح والفحشاء التجاوز للحد في القبح، وقيل السوء ما لا حد فيه، والفحشاء ما فيه الحد قاله ابن عباس، وقيل الفحشاء الزنا، وقيل هو البخل وقيل إن كل ما نهت عنه الشريعة فهو من الفحشاء.
(وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون) أي بأن تقولوا، قال ابن جرير الطبري: يريد ما حرموا من البحيرة والسائبة ونحوهما مما جعلوه شرعاً. وقيل هو قولهم هذا حلال وهذا حرام بغير علم، والظاهر أنه يصدق على كل ما قيل في الشرع بغير علم فيتناول ذلك جميع المذاهب الفاسدة التي لم يأذن فيها الله، ولم ترد عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأمر الشيطان ووسوسته عبارة عن هذه الخواطر التي يجدها الإنسان في قلبه، وفاعل هذه الخواطر هو الله تعالى، وإنما الشيطان كالعرض، وقد صح عنه - صلى الله عليه وسلم - أن الشيطان يجري من ابن آدم مجرى الدم:
إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (169) وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنْزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آَبَاءَنَا أَوَلَوْ كَانَ آَبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُونَ (170)
ثم بين عداوته ما هي فقال
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 336