اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 333
إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبَابُ (166) وَقَالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنَا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَمَا تَبَرَّءُوا مِنَّا كَذَلِكَ يُرِيهِمُ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ حَسَرَاتٍ عَلَيْهِمْ وَمَا هُمْ بِخَارِجِينَ مِنَ النَّارِ (167) يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلَالاً طَيِّبًا وَلَا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (168)
(إذ تبرأ الذين اتبعوا من الذين اتبعوا ورأوا العذاب) أي تنزه وتباعد معناه أن السادة والرؤساء من مشركي الإنس تبرؤوا ممن اتبعهم على الكفر ورأوا يعني التابعين والمتبوعين العذاب، قيل عند المعاينة في الدنيا، وقيل عند العرض والمساءلة في الآخرة، ويمكن أن يقال فيهما جميعاً إذ لا مانع من ذلك، وقيل هم الشياطين يتبرؤون من الإنس وبه قال قتادة، والقول هو الأول، وقد احتج جمع من أهل العلم بهذه الآية على ذم التقليد وهو مذكور في موطنه (وتقطعت بهم) أي عنهم (الأسباب) بسبب كفرهم جمع سبب، وأصله في اللغة الحبل الذي يشد به الشيء ويجذب به، ثم جعل كل ما جر شيئاً سبباً فهي مجاز هنا، والمراد بها الوصل التي كانوا يتواصلون بها في الدنيا من الرحمة وغيرها، وقيل هي الأعمال، وقال ابن عباس: هي المنازل، وقال أيضاً: هي الأرحام وقال المودة، وقيل العهود والحلف.
(وقال الذين اتبعوا لو أن لنا كرة) أي رجعة إلى الدنيا، الكرة الرجعة والعودة إلى حال قد كانت، و " لو " هنا بمعنى التمني كأنه قيل ليت لنا كرة، ولهذا وقعت الفاء في الجواب، والمعنى أن الاتباع قالوا لو رددنا إلى الدنيا حتى نعمل صالحاً (فنتبرأ منهم) أي المتبوعين (كما تبرؤا منا) اليوم وهو جواب التمني (كذلك) أي كما أراهم الله العذاب (يريهم الله أعمالهم) السيئة، وهذه الرؤية إن كانت البصرية فقوله (حسرات عليهم) منتصب على الحال،
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 333