اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 326
قال: ويدل على هذا القول أن الآية دالة على الإخبار عن الله والملائكة والناس بلعنهم لا على الأمر به.
قال ابن العربي: إن لعن العاصي المعين لا يجوز باتفاق لما روي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أتى بشارب خمر مراراً فقال بعض من حضر " لعنه الله ما أكثر ما يشربه " فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم " لا تكونوا عوناً للشيطان على أخيكم " [1] والحديث في الصحيحين (والناس أجمعين) قيل هذا يوم القيامة، وأما في الدنيا ففي الناس المسلم والكافر، ومن يعلم بالعاصي ومعصيته ومن لا يعلم فلا يتأتى اللعن له من جميع الناس، وقيل في الدنيا، والمراد يلعنه غالب الناس أو كل من علم بمعصيته منهم، عن أبي العالية قال: إن الكافر يوقف يوم القيامة فيلعنه الله ثم يلعنه الملائكة ثم يلعنه الناس أجمعون، وقال قتادة: يعني بالناس أجمعين المؤمنين. [1] صحيح الجامع الصغير 7319.
(خالدين فيها) أي في النار، وقيل في اللعنة وإنما أضمرت لعظم شأنها (لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون) فيعتذرون قاله أبو العالية، وقال ابن عباس: لا يؤخرون، والإنظار والإمهال، وقيل معناه لا ينظر الله إليهم فهو من النظر، وقيل هو من الانتظار أي لا ينتظرون ليعتذروا.
(وإلهكم إله واحد) أي لا شريك له في الألوهية ولا نظير له في الربوبية، والتوحيد هو نفي الشريك والقسيم والشبيه، فالله تعالى واحد في أفعاله لا شريك له يشاركه في مصنوعاته، وواحد في ذاته لا قسيم له. وواحد في صفاته لا يشبهه شيء من خلقه (لا إله إلا هو) تقرير للوحدانية بنفي غيره من الألوهية وإثباتها له (الرحمن الرحيم) وقد تقدم تفسيرهما، وفيه الإرشاد إلى التوحيد وقطع العلائق، والإشارة إلى أن أول ما يجب بيانه ويحرم كتمانه هو أمر التوحيد.
وأخرج ابن أبي شيبة وأحمد والدارمي وأبو داود والترمذي وصححه ابن
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 326