(ومن حيث خرجت فول وجهك شطر المسجد الحرام) الظاهر أن " من " هنا ابتدائية، والأقرب أن تكون بمعنى " في " أي مكان سافرت (وأنه) أي التولي (للحق من ربك وما الله بغافل عما تعملون) بالياء والتاء وتقدم مثله.
(ومن حيث خرجت) أي من أي مكان خرجت للسفر (فول وجهك شطر السجد الحرام وحيثما كنتم فولوا وجوهكم شطره) كرر سبحانه هذا تأكيداً لأمر استقبال الكعبة وللاهتمام به لأن موقع التحويل كان معتنى به في نفوسهم، وقيل وجه التكرير أن النسخ من مظان الفتنة ومواطن الشبهة، فإذا سمعوه مرة بعد أخرى ثبتوا واندفع ما يختلج في صدورهم، وقيل أنه كرر هذا الحكم لتعدد علله، فإنه سبحانه ذكر للتحويل ثلاث علل: الأولى ابتغاء مرضاته، والثانية يجري العادة الإلهية أن يولي أهل كل ملة وصاحب دعوة جهة يستقبل بها، والثالثة دفع حجج المخالفين فقرن بكل علة معلولها، وقيل أراد بالأول ول وجهك شطر الكعبة إذا صليت تلقاءها، ثم قال: وحيثما كنتم معاشر المسلمين في سائر المساجد بالمدينة وغيرها فولوا وجوهكم شطره، ثم قال (ومن حيث خرجت) يعني وجوب الاستقبال في الأسفار، فكان هذا أمراً بالتوجه إلى الكعبة في جميع المواطن من نواحي الأرض.
(لئلا) اللام لام كي وإن هي المصدرية ولا نافية (يكون للناس عليكم حجة) قيل أراد بالناس أهل الكتاب، وقيل هو على العموم، وقيل هم
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 313