اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 296
أَمْ تَقُولُونَ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطَ كَانُوا هُودًا أَوْ نَصَارَى قُلْ أَأَنْتُمْ أَعْلَمُ أَمِ اللَّهُ وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَتَمَ شَهَادَةً عِنْدَهُ مِنَ اللَّهِ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (140)
(أم تقولون) أم هنا معادلة للهمزة في قوله (أتحاجوننا) أي أم تقولون إن هؤلاء الأنبياء على دينكم، وعلى قراءة يقولون بالياء تكون أم منقطعة أي بل يقولون وفيه تقريع وتوبيخ (إن إبراهيم وإسمعيل وإسحق ويعقوب والأسباط كانوا هوداً أو نصارى) يعني أتزعمون أن إبراهيم وبنيه كانوا على دينكم وملتكم، وإنما حدثت اليهودية والنصرانية بعدهم فثبت كذبكم عليهم (قل أأنتم أعلم أم الله) أي الله أعلم بذلك، وقد أخبرنا بأنهم لم يكونوا هودا ولا نصارى، وأنتم تدعون أنهم كانوا كذلك فهل أنتم أعلم أم الله سبحانه، والتفضيل على سبيل الإستهزاء أو على تقدير أن يظن بهم علم في الجملة وإلا فلا مشاركة.
(ومن أظلم ممن كتم) أي أخفى (شهادة عنده من الله) استفهام إنكار أي لا أحد أظلم يحتمل أن يراد بذلك الذم لأهل الكتاب بأنهم يعلمون أن هؤلاء الأنبياء ما كانوا هوداً ولا نصارى، بل كانوا على الملة الإسلامية فظلموا أنفسهم بكتمهم لهذه الشهادة، بل بادعائهم لما هو مخالف لها وهو أشد في الذنب ممن اقتصر على مجرد الكتم الذي لا أحد أظلم منه، ويحتمل أن المراد أن المسلمين لو كتموا هذه الشهادة لم يكن أحد أظلم منهم، ويكون المراد بذلك التعريض بأهل الكتاب، وقيل المراد هنا ما كتموه من صفة محمد - صلى الله عليه وسلم -.
(وما الله بغافل عما تعملون) فيه وعيد شديد وتهديد ليس عليه مزيد، وإعلام بأن الله سبحانه لا يترك أمرهم سدى ولا يترك عقوبتهم على هذا الظلم القبيح والذنب الفظيع، والغافل الذي لا يفطن للأمور إهمالاً منه، مأخوذ من الأرض الغفل وهي التي لا علم بها ولا أثر عمارة، وقال الكسائي أرض غفل لم تمطر.
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 296