اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 255
بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ (112)
وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَى شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللَّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (113)
ثم رد عليهم فقال (بلى) وهو إثبات لما نفوه من دخول غيرهم الجنة أي ليس كما تقولون بل يدخلها (من أسلم وجهه لله) أي استسلم، وقيل أخلص وخص الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يرى من الإنسان، ولأنه موضع السجود، ومجمع الحواس والمشاعر الظاهرة وفيه يظهر العز والذل، وقيل أن العرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء وإن المعنى هنا الوجه وغيره، وقيل المراد بالوجه هنا المقصد أي من أخلص مقصده، ومجموع الشرط والجزاء رد على أهل الكتاب وإبطال لتلك الدعوى (وهو محسن) موحد أي متبع في عمله لله (فله أجره عند ربه) أي ثواب عمله وهو الجنة (ولا خوف عليهم) أي في الآخرة وأما في الدنيا فالمؤمنون أشد خوفاً وحزناً من غيرهم لأجل خوفهم من العاقبة (ولا هم يحزنون) على ما فاتهم من الدنيا أو للموت.
(وقالت اليهود ليست النصارى على شيء) قاله رافع بن حرملة (وقالت النصارى ليست اليهود على شيء) بيان لتضليل كل فريق صاحبه بخصوصه أثر بيان تضليله كل من عداه على وجه العموم، قيل نزلت في يهود المدينة ونصارى نجران تناظروا عند النبي - صلى الله عليه وسلم - وارتفعت أصواتهم وقالوا هذا القول وفيه أن كل طائفة تنفي الخير عن الأخرى، ويتضمن ذلك إثباته لنفسها تحجراً لرحمة الله سبحانه، قال في الكشاف: أن الشيء هو الذي يصح ويعتد به قال: وهذه مبالغة عظيمة لأن المحال والمعدوم يقع عليهما اسم الشيء وإذا نفي إطلاق اسم الشيء عليه فقد بولغ في ترك الإعتداد به إلى ما ليس بعده،
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 255