(ثم أنتم هؤلاء تقتلون أنفسكم وتخرجون فريقاً منكم من ديارهم تظاهرون عليهم بالإثم والعدوان) أي أنتم هؤلاء الحاضرون المشاهدون تخالفون ما أخذه الله عليكم في التوراة، وأصل المظاهرة المعاونة مشتقة من الظهر، لأن بعضهم يقوي بعضاً فيكون له كالظهر، ومنه قوله تعالى (وكان الكافر على ربه ظهيراً) وقوله (والملائكة بعد ذلك ظهير) والمعنى تتعاونون عليهم بالمعصية والظلم، والإثم في الأصل الذنب وجمعه آثام ويطلق على الفعل الذي يستحق به صاحبه الذم واللوم، وقيل هو ما تنفر منه النفس ولا يطمئن إليه القلب، والآية تحتمل ما ذكرنا وتحتمل أن يتجوز به عما يوجب الإثم إقامة للسبب مقام المسبب، والعدوان التجاوز في الظلم وهو مصدر كالكفران والغفران، والمشهور ضم فائه وفيه لغة بالكسر.
(وإن يأتوكم) أي الفريق الذي تخرجونه من دياره وقت الحرب حال كونه (أسارى) جميع أسير وهو من يؤخذ قهراً، فعيل بمعنى مفعول، أو جمع أسرى وهو جمع أسير كجرحى وجريح، وبه قرأ حمزة، قال أبو حاتم ولا يجوز أسارى، وقال الزجاج يقال أسارى كما يقال سكارى، قال ابن فارس يقال في جمع أسير أسرى وأسارى انتهى، فالعجب من أبي حاتم حيث ينكر ما ثبت في التنزيل وقرأ به الجمهور، والأسير مشتق من السير وهو القد الذي يشد به المحمل فسمي أسيراً، لأنه يشد وثاقه ثم سمى كل أخيذ أسيراً وإن لم يشد
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 216