اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 192
وعن ابن عباس قال مسخهم الله قردة بمعصيتهم ولم يعش مسيخ قط فوق ثلاثة أيام ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل، قال الحسن انقطع ذلك النسل، وقال مجاهد مسخت قلوبهم ولم يمسخوا قردة، إنما هو مثل ضربه الله لهم كقوله (مثل الحمار يحمل أسفاراً) وقال ابن عباس صار شباب القوم قردة، والمشيخة صاروا خنازير [1].
واختلف في مرجع الضمير في قوله [1] روى عثمان بن عطاء عن أبيه قال: نودي الذين اعتدوا في السبت ثلاثة أصوات. نودوا: يا أهل القرية، فانتبهت طائفة أكثر من الأولى، ثم نودوا: يا أهل القرية، فانتبه الرجال والنساء والصبيان، فقال الله لهم: (كونوا قردة خاسئين) فجعل الذين نهوهم يدخلون عليهم فيقولون: يا فلان ألم ننهكم؟ فيقولون برؤوسهم: بلى. قال قتادة: فصار القوم قردة تعاوي، لها أذناب بعدما كانوا رجالاً ونساء.
وفي رواية عن قتادة: صار الشبان قردة، والشيوخ خنازير، وما نجا إلا الذين نهوا، وهلك سائرهم. وقال غيره: كانوا نحواً من سبعين ألفاً وعلى هذا القول العلماء، غير ما روي عن مجاهد أنه قال: مسخت قلوبهم ولم تمسخ أبدانهم، وهو قول بعيد، قال ابن عباس: لم يحيوا على الأرض إلا ثلاثة أيام، ولم يحيا مسخ في الأرض فوق ثلاثة أيام، ولم يأكل ولم يشرب ولم ينسل. وزعم مقاتل أنهم عاشوا سبعة أيام، وماتوا في اليوم الثامن، وهذا كان في زمان داود عليه السلام.
(فجعلناها) فقيل المسخة والعقوبة وقيل الأمة، وقيل القرية، وقيل القردة، وقيل الحيتان، والأول أظهر (نكالا) أي عقوبة وعبرة، والنكال الزجر والعقاب، والنكل القيد لأنه يمنع صاحبه (لما بين يديها وما خلفها) أي عقوبة لما مضى من ذنوبهم وعبرة لمن بعدهم إلى يوم القيامة، وقيل من الذنوب التي عملوا قبل وبعد، قاله ابن عباس (وموعظة للمتقين) من قومهم أو لكل متق سمعها. الموعظة مأخوذ من الاتعاظ والإزجار والوعظ التخويف، وقال الخليل الوعظ التذكير بالخير.
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 192