(ثم توليتم) أصل التولي الإدبار عن الشيء والإعراض بالجسم ثم استعمل في الأعراض عن الأمور والأديان والمعتقدات اتساعاً ومجازاً (من بعد ذلك) أي الميثاق أو رفع الطور أو إيتاء التوراة؛ والمراد هنا إعراضهم عن الميثاق المأخوذ عليهم من بعد البرهان لهم والترهيب بأشد ما يكون وأعظم ما تجوزه العقول. وتقدره الأفهام، وهو رفع الجبل فوق رؤوسهم كأنه ظلة عليهم.
(فلولا) حرف امتناع لوجود تختص بالجمل الإسمية (فضل الله عليكم) بأن تدارككم بلطفه؛ والفضل الزيادة والخير والأفضال والإحسان قاله ابن فارس في المجمل (ورحمته) حتى أظهروا التوبة (لكنتم من الخاسرين) أي المغبونين بذهاب الدنيا والهالكين بالعذاب في العقبى: والخسران النقصان.
(ولقد علمتم) أي عرفتم فيتعدى لواحد فقط والفرق بينهما أن العلم يستدعي معرفة الذات وما هي عليه من الاحوال، والمعرفة تستدعي معرفة الذات أو الفرق أن المعرفة يسبقها جهل بخلاف العلم ولذلك لا يجوز إطلاقها عليه سبحانه.
(الذين اعتدوا منكم) أي جاوزوا الحد (في السبت) يقال سبت اليهود لأنهم يعظمونه ويقطعون فيه أعمالهم، وأصل السبت في اللغة القطع لأن الأشياء تمت فيه وانقطع العمل، وقيل هو مأخوذ من السبوت وهو الراحة والدعة، وقال في الكشاف السبت مصدر سبتت اليهود إذا عظمت يوم السبت انتهى، وفيه نظر، فإن هذا اللفظ موجود واشتقاقه مذكور في لسان العرب قبل
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 190