(ثم عفونا عنكم) أي محونا ذنوبكم وتجاوزنا عنكم، والعفو يجوز أن يكون بعد العقوبة والغفران لا يكون معها، وهذا هو الفرق بينهما وهو من الاضداد يقال عفت الريح الأثر أي أذهبه وعفا الشيء أي كثر، ومنه (حتى عفوا) وقال أبو السعود العفو محو الجريمة من عفاه درسه وقد يجيء لازماً قال:
عرفت المنزل الخالي ... عفاه بعد أحوال
عفاه كل هتان ... كثير الوبل هطال
(من بعد ذلك) أي من بعد عبادتكم العجل.
(لعلكم تشكرون) ما أنعم الله به عليكم من العفو عن ذنبكم العظيم الذي وقعتم فيه وتستمرون بعد ذلك على الطاعة، وأصل الشكر في اللغة الظهور، قال الجوهري الشكر الثناء على المحسن بما أولاك من المعروف، يقال شكرته وشكرت له، وباللام أفصح والشكران خلاف الكفران.
(وإذْ آتينا موسى الكتاب والفرقان) الكتاب التوراة بالإجماع من المفسرين واختلفوا في الفرقان فقالت الفراء وقطرب المعنى آتينا موسى التوراة ومحمد الفرقان، وقد قيل أن هذا غلط أوقعهما فيه أن الفرقان مختص بالقرآن وليس كذلك فقد قال تعالى (ولقد آتينا موسى وهرون الفرقان) قال الزجاج أن الفرقان هو الكتاب أعيد ذكره تأكيداً وقيل أن الواو صلة وهي قد تزاد في
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 169