اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 136
(فتكونا من الظالمين) يعني إن أكلتما من هذه الشجرة ظلمتما أنفسكما فمن جوز ارتكاب الذنوب على الأنبياء قال ظلم نفسه بالمعصية، والظلم أصله وضع الشيء في غير موضعه، ومن لم يجوز ذلك على الأنبياء حمل الظلم على أنه فعل ما كان الأولى أن لا يفعله، وكلام أهل العلم في عصمة الأنبياء واختلاف مذاهبهم في ذلك مدون في مواطنه، وقد أطال البحث في ذلك الرازى في تفسيره في هذا الوضع فليرجع إليه فإنه مفيد.
(فأزلهما الشيطان) أي استزل آدم وحواء (عنها) أي الجنة ودعاهما إلى الزلة وهي الخطيئة أي إستزلهما وأوقعهما فيها، وقيل من الإزالة وهي التنحية أي نحاهما وقيل من الزوال.
وقد اختلف أهل العلم في الكيفية التي فعلها الشيطان في إزلالهما فقيل أنه كان ذلك بمشافهة منه لهما وإليه ذهب الجمهور، واستدلوا على ذلك بقوله تعالى (وقاسمهما إني لكما لمن الناصحين) والمقاسمة ظاهرها المشافهة، وقيل لم يصدر منه إلا مجرد الوسوسة، والمفاعلة ليست على بابها بل للمبالغة وقيل غير ذلك.
(فأخرجهما مما كانا فيه) أي صرفهما عما كانا عليه من الطاعة إلى المعصية، وقيل الضمير للجنة، وعلى هذا فالفعل مضمن معنى أبعدهما، وإنما نسب ذلك إلى الشيطان لأنه هو الذي تولى اغواء آدم حتى أكل من الشجرة (وقلنا اهبطوا) أي انزلوا إلى الأرض، خطاب لآدم وحواء وخوطبا بما يخاطب به الجمع لأن الاثنين أقل الجمع عند البعض من أئمة العربية، وقيل أنه خطاب لهما ولإبليس وللحية.
فهبط آدم بسرنديب من أرض الهند على جبل يقال له نود، وأهبطت حواء بجدة وإبليس بالايلة من أعمال البصرة والحية بأصبهان، وقيل خطاب
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 136