(قال) يعني الله تعالى (يا آدم) استدل به على أن آدم نبي متكلم (أنبئهم بأسمائهم) وذلك لما ظهر عجز الملائكة فسمى كل شيء باسمه وذكر وجه الحكمة التي خلق لأجلها بأن قال لهم هذا الجرم يسمى القصعة وحكمته وضع الطعام فيه وهكذا (فلما أنبأهم بأسمائهم) فيه دليل على مزية العلم، وأنه شرط في الخلافة وفضل آدم على الملائكة، قال الإمام لما أراد الله إظهار فضل آدم على الملائكة لم يظهره إلا بالعلم فلو كان في الإمكان شيء أشرف من العلم كان إظهار فضله بذلك الشيء لا بالعلم، ولذلك أمر الله تعالى الملائكة بالسجود له لأجل فضيلة العلم.
قلت ويؤخذ من هذا استحباب القيام للعالم، وقال الطيبي أفادت هذه الآية علم اللغة فوق التخلي بالعبادة فكيف علم الشريعة.
(قال) يعني الله تعالى (ألم أقل لكم) يا ملائكتي (أني أعلم غيب السموات والأرض) يعني ما كان وما سيكون، وذلك أنه سبحانه علم أحوال آدم قبل أن يخلقه، وفي اختصاصه بعلم غيب السموات والأرض رد لما يتكلفه كثير من العباد من الاطلاع على شيء من علم الغيب كالمنجمين والكهان، وأهل الرمل والسحر والشعوذة (وأعلم ما تبدون وما كنتم تكتمون) أي ما تظهرون وما تسرون كما يفيده معنى ذلك عند العرب، ومن فسره بشيء خاص فلا يقبل منه ذلك إلا بدليل.
اسم الکتاب : فتح البيان في مقاصد القرآن المؤلف : صديق حسن خان الجزء : 1 صفحة : 130