اسم الکتاب : لطائف الإشارات = تفسير القشيري المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 385
اشتملت الآية على جنسين من قبيح ما فعلوه: أحدهما سؤالهم الرؤية والثاني عبادة العجل بعد ما ظهرت لهم الآيات الباهرة.
فأمّا سؤالهم الرؤية فذمّوا عليه لأنهم اقترحوا عليه ذلك بعد ما قطع عذرهم بإقامة المعجزات، ثم طلبوا الرؤية لا على وجه التعليم، أو على موجب التصديق به، أو على ما تحملهم عليه شدة الاشتياق، وكل ذلك سوء أدب.
الإشارة فيه أيضا أن من يكتفى بأن يكون العجل معبوده- متى- يسلم له أن يكون الحقّ مشهوده؟
ويقال القوم لم يباشر العرفان أسرارهم فلذلك عكفوا بعقولهم [1] على ما يليق بهم من محدود جوّزوا أن يكون معبودهم.
قوله جل ذكره: وَآتَيْنا مُوسى سُلْطاناً مُبِيناً.
حجة ظاهرة، بل تفردا صانه من التمثيل والتعطيل.
والسلطان المبين التحصيل والتنزيه المانع من التعطيل والتشبيه.
ويقال السلطان المبين القوة بسماع الخطاب من غير واسطة. [1] هذا كلام له أهمية قصوى فى تحديد مدى تقدير القشيري لقيمة العقل.
فنحن نعرف من مذهبه فى المعرفة أن العقل يعول عليه فقط فى البداية، يقول في رسالته ص 197 (تجب البداءة بتصحيح اعتقاد بين العبد وبين الله تعالى صاف عن الظنون والشبه خال من الضلال والبدع صادر عن البراهين والحجج) ولكن العقل بعدئذ غير جدير بمواصلة الصعود إلى ما هو أعلى من ذلك لأنه يصاب بآفات (التجويز والتحير والتوهم والتحدد) ويناط بغير العقل من الملكات الأخرى وهى القلب والروح والسر وعين السر أو سر السر أن تواصل القصود نحو الذرى العليا. فما أشبه الذين يريدون تطبيق الوسائل العقلية على الربوبية بمن عبدوا العجل! وعكفوا بعقولهم على المحدود!
اسم الکتاب : لطائف الإشارات = تفسير القشيري المؤلف : القشيري، عبد الكريم الجزء : 1 صفحة : 385