إن شخصية ابن باديس ثرية متعددة الجوانب لا يمكن لنا أن نتناولها من جميع جوانبها في مثل هذا الوقت القصير لذا رأينا أن نتحدث عن جانب واحد من جوانبه وهو ابن باديس المربي.
أيها السادة:
يمكن القول بأن ابن باديس إتخذ التربية وسيلة للإصلاح الثقافي والإجتماعي والسياسي لأن الأهداف التربوية عنده تشمل ذلك كله وهو ما سنتحدث عنه فيما بعد.
لقد عالج المصلحون في أوروبا خلال القرن التاسع عشر مشكلة الإصلاح الإجتماعي والإقتصادي والسياسي، فذهب بعضهم إلى أن السبب في التدهور يرجع إلى فقدان الحرية السياسية، وانعدام حق التصويت وهم البرلمانيون. وذهبت طائفة أخرى إلى أنه يرجع إلى العوامل الإقتصادية واستغلال الإنسان للإنسان وهم الماركسيون.
ورأى المفكرون أمثال تولستوي وبركهارت أن السبب في تدهور الرجل الغربي يعود إلى الفقر الروحي والخلقي، وفرويد كان يعتقد أن المشكلة تعود إلى المبالغة في كبت الغريزة مما ينتج عنه مظاهر شاذة. وكل هؤلاء نظروا للمشكلة من جانب واحد، لأن التعليلات الإجتماعية متشابكة متداخلة، ولا ترجع إلى عامل واحد.
(1) محاضرة ألقاها المؤلف مساء السبت 16 أفريل 1966 تحت إشراف وزير التربية الوطنية ومدير التعليم العالي في قاعة المحاضرات الجامعية بالجزائر وقد حذف من هذه المحاضرة الجزء الخاص بترجمته