فيه أنه عاطفي ساذج وهذا ما يزيد في الطين بلة. وإخفاء الداء يزيده تمكناً وانتشاراً دون شك.
لأن جوهر التغيير الإجتماعي أو الإصلاح النفسي والخلقي، يقوم على أساس النقد. والحركة الإصلاحية في الجزائر قامت على الصراع بين ظاهرتين: ظاهرة النقائص والعيوب التي تتمثل في الطرقية، وظاهرة الفضائل والإستعداد النفسي لتقبل الحقيقة [1]، وللتغير الذي يوجد في الشعب. ولا بد من وجود عامل من نوع عقلي تنظيمي، يجعل إحدى الظاهرتين تتغلب على الأخرى، وفعلاً فإنه قام صراع بين مخطط الإستعمار الذي يهدف إلى تغليب ظاهرة الخمود، وبين المنظمات الإصلاحية التي تبذل جهدها للقضاء على هذه الظاهرة وإيجاد نوع من الحركة الإجتماعية التي تهدم الفاسد وتنمي الصالح، وهكذا يقوم في داخل المجتمع نوع من الجدل بين السكون والحركة، ولكن المهم في المشكلة هو أنه إذا وجدت الحركة فكيف نعمل على ضمان استمرارها من ناحية وما هي الشروط اللازم توفرها لتصيب الهدف من جهة أخرى
-4 -
إن المحاولات التي سبقت الشيخ ابن باديس كلها جزئية فردية غير شاملة للوطن كله كما أشرنا من قبل، وتاريخ الثورات في الجزائر كان على هذا النحو حتى جاءت ثورة نوفمبر 1954 فعمت، والثورة الفكرية إنما حاولت أن تكتسب الصبغة العامة في عهد ابن باديس، ففترته فترة ذهبية خصبة من فترات الصراع الفكري، والعمل على تغيير المجتمع في تاريخ الجزائر المعاصر، فابن باديس هو الذي أدخل الجزائر في حركة النهضة الإسلامية العامة. [1] هذه الفكرة سجلتها في الندوة التي يعقدها الأستاذ في محله مساء السبت من كل أسبوع بتاريخ 12/ 3/1966 بالجزائر.