على ذكر طائفة قليلة لصدَّقناه، ولكنه جازف في القول ولم يزنه. وإني أشكره [1] من ناحية أخرى حيث عبر عن ذلك بكلمة "انحراف" فهذا هو التعبير الطبيعي في مثل هذا المقام.
ولم يعالج أحد من المسلمين في النصف الأول من القرن العشرين - فيما أعلم- مشكلة الفكر الإصلاحي في المغرب الأوسط إلا استاذنا مالك بن نبي، فإنه تناول هذه النهضة الحديثة وحللها تحليلاً علمياً نقدياً، ودرسها دراسة إجتماعية تكتسي طابعاً موضوعياً مع أنها أشد ما تكون امتزاجاً بذاتيته، وبالرغم من المراقبة الشديدة التي مارسها الإستعمار على مشكلة الأفكار في العالم الإسلامي فإنه تمكن في ظروف قاسية من إصدار كتابه "شروط النهضة ومشكلات الحضارة " [2] فالإصلاح قد شغل اهتمامه منذ طفولته كما يحدثنا في كتابه الأخير: "مذكرات شاهد القرن". كما شغله منظر ابن باديس وهو يمر أمام مقهى "ابن يمينة" ذاهباً إلى مكتبه في "نهج الأربعين شريف" [3] وهو أول من أدخل العدد الأول من جريدة الشهاب إلى آفلو [4] جنوب [1] أو أشكر المترجم لأني لا أملك النص الإنجليزي الذي ترجم إلى العربية. [2] صدر في سنة 1948 وقدم له الدكتور عبد العزيز خالدي بمقدمة حلل فيها الكتاب ووصف المؤلف بأنه "رجل شعر في حياته الخاصة بمعنى الإنسان في صورتيه الخلقية والإجتماعية" وترجم الكتاب وطبع بالقاهرة أثناء الثورة سنة 1957 وصف المترجم الكتاب بأنه "في فلسفة الحضارة وفن التوجيه". [3] يسمى الآن بنهج عبد الحميد بن باديس وهو النهج الذي توجد فيه مطبعة الشهاب ومدرسة التربية والتعليم وإدارة الشهاب ومدرسة سيدي بومعزة أنظر مذكرات شاهد القرن ص 158. [4] مذكرات شاهد القرن لمالك بن نبي طبع في المطابع الوطنية الجزائرية (فونتانا سابقا) الجزائر 1965، القسم الأول ص 221