المغربية اختفاء الكاثوليكية القديمة من ديارنا أمام تيار الصناعة وثورتها الكبرى)) [1] ولا يخفى على القاريء كيف حاول هذا السائح الأوروبي تصوير الجزائر تصويراً متأثراً فيه بتاريخ المسيحية في بلاده وبالصراع الطبقي الذي نشأ فيها لوجود التقدم الصناعي، وعمَّم ما رآه في مرسى الجزائر على المجتمع الإسلامي الجزائري كله. ومهما يكن من أمر فإن المسألة لا تعدو أن تكون شهادة عابرة لسائح ابن سبيل.
والواقع أن السياسة الاستعمارية الفرنسية فيما يتعلق بالناحية التربوية التعلمية كانت ترمي إلى تكوين جماعات منفصلة عن مقومات الشخصية الإسلامية العربية وإلى تحويل الشعب الجزائري كله وإدماجه في الحضارة الأوروبية والثقافة الفرنسية عن طريق نشر اللغة الفرنسية، ومقاومة الشريعة الإسلامية التي ترى أنها هي العقبة الوحيدة التي تحول دون الإندماج ولذلك فإنها تشترط فيمن يتمتع بالحقوق الفرنسية أن يتجنس. ويتضمن التجنيس عدم الارتباط بالقانون الإسلامي، بل أكثر من ذلك فإن كثيراً من الحقوق لا ينالها إلا النصراني، فأصبح التنصر بذلك طريقاً إلى التمتع ببعض الحقوق، ولم يَرْقَ الجنرال يوسف رتبة جنرال إلا على هذا الشرط [2].
ورسمت السياسة الفرنسية وسيلة أخرى تعتقد أنها ستربح بها اللعبة وهي بَثُّ الخلاف بين عناصر المجتمع الجزائري، بين العرب والبربر. وحاولوا أن يقنعوا البربر بأنهم من سلالة أورويية وأن لهم لغة خاصة لا ينبغي التفريط فيها، وأن يمنعوا تعليم العربية للبربر. [1] المصدر السابق ج 2 ص 299. [2] تعليق الأمير شكيب أرسلان على "حاضر العالم الإسلامي" ج 1 ص 86.