فتصير بالتوبة والعمل الصالح منيرة خيرة فالتبديل في الكتب والعمل وحالة النفس.
مسألتان أصوليتان:
الأولى: هل يخرج غير التائب من النار: استثنى الله التائب من مضاعفة العذاب والخلود فيه مهانا، فبقي غير التائب للخلود. والخلود كما قدمنا في الآية السابقة طول البقاء، ولا يقتضي التأييد فقد يكون معه التأييد وقد لا يكون، فمع التأييد لا خروج ومع عدمه الخروج. وغير التائب الذي بقي للخلود المطلق في الآية هو المشرك والقاتل والزاني، فأما المشرك فلا خروج له من النار لقوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لَا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} وأما القاتل والزاني إذا كانا من أهل الإيمان فإنهما يخرجان بعد شديد العذاب بما معهما من الإيمان لأحاديث صحيحة منها ما رواه الشيخان البخاري والمسلم عن أنس- رضي الله عنهم-:
"يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن برة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ذرة"، زاد البخاري في رواية قتادة عن أنس: "من إيمان" مكان "خير". وهذا من عدل الله ورحمته، فإنه أذاقهم من العذاب الشديد والهوان المخزي جزاءهم، ثم أخرجهم من النار وما أضاع عليهم إيمانهم. إن الله بالناس لرؤوف رحيم.
الثانية: هل لقاتل النفس ظلما وعدوانا من توبة: ذهب ابن عباس
في المشهود عنه الذي رواه الشيخان وغيرهما أنه لا توبة له، وقال في هذه الآية إنها نزلت في المشركين، وذكر سبب نزولها كما تقدم وقال- إثره-: فأما من دخل في الإسلام وعقله ثم قتل فلا توبة له