التراكيب.
وصلت الجملة بما قبلها بالواو لاشتراكهما في القصد وهو التعريف بالرحمن وبعباده. وعباد مبتدأ والذين خبر وأضاف العباد للرحمن تخصيصا لهم وتفضيلا وتقريبا وفيه تعويض بأولئك المتجاهلين المتكبرين المبعدين، وهونا منصوبا على أنه مفعول مطلق والتقدير: مشياً هوناً، أو على أنه حال من فاعل يمشون أي هينين، ومجيء المصدر حالا كثير ولمصدريته أفرد، والموصوف جمع (1) نظير الزيدون عدل. ويمشون على الأرض هونا تركيب كنائي أريد به معناه ولازم معناه، فهم يمشون هينين برفق وتثبت، لا يضربون بأقدامهم ولا يخفقون بنعالهم أشرا وبطرا. هذا أصل المعنى وهو مراد ومراد أيضا لازم وهو سهولتهم وتواضعهم وعدم تكبرهم ورفقهم في الأمور وبعدهم عن الإفساد. ومراد لازم آخر أيضاً، وهو سيرهم في الحياة وتصرفهم في جميع الأمور ومعاملتهم للناس، فإذا كانوا أهل رفق وسهولة في مشيهم في الأرض فكذلك هم أهل رفق وسهولة في الأمور الأخرى، مما ذكرنا، لأن الرفق والسهولة خلق فيهم فكما هو في المشي هو في غيره. وكانت الصلة بالمضارع ليفيد التجدد، فإن المشي في الأرض ضروري للإنسان وكان المعطوف على الصلة بصورة الشرط لأن خطاب الجاهلين لهم ليس مما يكون دائما، وكان التعليق بإذا لأن مخاطبة الجاهلين لهم بالسوء أمر محقق، ومتى سلم أهل العلم والدين من الجاهلين ولم يذكر ما يخاطبهم به الجاهلون للعلم بأن خطاب الجاهل أي السفيه لا يكون إلا سوءا مما يمليه عليه جهله وسفهه. ونصب سلاما على أنه مفعول مطلق، والتقدير قالوا قولا سلاما، أي ذا سلام، فيشمل كل قول فيه سلامة من الأذى والمكروه، كسلام عليكم
(2) في الأصل جميع.