وذكر حكم الحادثة عند حدوثها ورد الشبهة عند عروضها وإبطال الإعتراض عند وروده، ما فيه من تأثير في النفوس ووقع في القلوب ورسوخ في العقول وجلاء في البيان وبلاغة في التطبيق واستيلاء على السامعين وما كان هذا كله ليتأتى لولا تفريق الآيات في التنزيل وترتيلها وتنضيدها هذا الترتيل العجيب وهذا التنضيد الغريب الذي بلغ الغاية من الحسن والمنفعة حتى إنه ليصح أن يعد وحده وجهاً من وجوه الإعجاز.
حظنا من العمل بهذه الحكمة:
أن نقرأ القرآن ونتفهمه حتى تكون آياته على طرف ألسنتنا ومعانيه نصب أعيننا لنطبق آياته على أحوالنا وننزلها عليها كما كانت تنزل على الأحوال والوقائع فإذا حدث مرض قلبي أو اجتماعي طلبنا دواءه في القرآن وطبقنماه عليه وإذا عرضت شبهة أو ورد اعتراض طلبنا فيه الرد والإبطال وإذا نزلت نازلة طلبنا فيه حكمها وهكذا نذهب في تطبيقه وتنزيله على الشؤون والأحوال إلى أقصى حد يمكننا.
اقتداء:
انظر الى هذه الحكمة في هذا التنزيل كيف تنزل آياته على حسب الوقائع في هذا قدوة صالحة لأئمة المجتمع وخطبائها في توخيهم بخطبهم الوقائع وتطبيقهم خطبهم على مقتضى الحال. بلى والله بلى والله، ولقد كانت الخطب النبوية والخطب السلفية كلها على هذا المنوال تشتمل مع الوعظ والتذكير على ما يقتضيه الحال، وأما هذه الخطب المحفوظة المتلوة على الأحقاب والأجيال فما هي إلا مظهر من مظهر [1] قصورنا وجمودنا. فإلى الله المشتكى وبه المستعان [2]. [1] كذا في الأصل. [2] ش: ج3، م8، ص 133 - 139 غرة ذي القعدة 1350 - مارس 1932