المعني:
وقال الذين أنكروا الحق مع ظهوره، وجحدوه مع وضوحه، ما هذا الكلام الذي يتلوه محمدٌ علينا إلا كلام كذب مصروف عن وجه الحق اخترعه وصوره وأعانه عليه غيره من أناس آخربن، فقد سموا الحق الصراح والصدق الخالص إفكاً، وجعلوا أخبار الأمين الذي كانوا يدعونه هم أميناً، افتراء وجعلوا القرآن الذي عجزوا عن معارضته كلاماً عادياً متعاوناً على تركيبه وتصويره، فسموا الشيء بغير اسمه ووضعوا الوصف في غير موضعه، فانتهوا بذلك إلى ظلم عظيم أتوه ووقعوا فيه وقد شهدوا بالباطل، فنسبوا للرسول صلى الله عليه وآله وسلم ما هو برىء منه من الافتراء والاستعانة بغيره فانتهوا إلى زور عظيم تحملوه.
وقالوا:- أيضاً- هذا الذي يتلوه علينا هو من أخبار الأوائل وكتبهم المسطورة التي سطروها من أعاجيب أحاديثهم مما يتلى به ولا يوثق بصحته توصل إليها من غيره، أمر فكتبت له فكاتبها له يمليها عليه دائماً في طرفي النهار فيحفظها هو ويأتينا بها.
قل- يا محمد- أنزل هذا الذي أتلوه عليكم الخالق الذي يعلم الشيء الخفي والأمر المكتوم في العالم العلوي والعالم السفلي. وما أمهلكم فلم يعاجلكم بالعذاب، وبقي يجدد لكم التذكير مع إعراضكم وعنادكم وقبح صنيعكم وسوء ردكم إلا أنَّه من شأنه الصفح والتجاوز ودوام الإنعام والتفضل، فهل لكم أن ترجعوا إلى هذا الرب الغفور الرحيم؟
مزيد بيان:
بهر العرب ما رأوا وما سمعوا، من رجل كان بالأمس معرضاً عنهم تاركاً لهم وشأنهم يشهد موسم الحج معهم ويجتنب مشاهد