الذي هو دينه وهدايته. ولذلك كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يتلو هذه الآية عندما كان يشير إلى الأصنام فتسقط إلى الأرض.
ففي الصحيح من حديث ابن مسعود - رضي الله عنه - أنّ رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - دخل مكة (يعني عام الفتح) وحول البيت ستون وثلاثمائة نصب فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: "جَاءَ الْحَقُّ وَزَهَقَ الْبَاطِلُ إِنَّ الْبَاطِلَ كَانَ زَهُوقًا، جاء الحق وما يبدئ الباطل وما يعيد".
الحق الثابت الذي لا يعتريه زوال الباطل الذي لا ثبات له في نفسه. فالإسلام حق ويشمل كل ما هو طاعة. والشرك والكفر باطل ومثله كل ما هو معصية. زهقت الروح: خرجت، وزهق الباطل: ذهب واضمحل. الزهوق: الهالك الذاهب.
التراكيب:
جملة أن الباطل كان زهوقاً إطناب بالتذييل، المخرج إخراج المثل لتأكيد منطوق الكلام السابق. وشبه الباطل الذي غلب بأدلة الحق فزالت شبهه من الأذهان وطواغيته من الأرض بالحيوان الذي صرع فذبح فزهقت روحه وذهب على طريق المكنية حيث حذف المشبه به، وهو الحيوان المصروع المذبوح، وذكر المشبه وهو الباطل المغلوب، وأشير إلى المحذوف بذكر لازمه وهو الزهوق.
المعنى:
وقل يا محمد- معلنا بما أظهر الله على يدك وما قضى به من نصرك وما أجاب من دعائك- جاء الإسلام والتوحيد بأدلته وحججه وقوته وسلطانه، وذهب الكفر والشرك فبطلت شبهه.
واضمحلت دولته وأصبح الحق غالباً والباطل مغلوباً، وكذلك كان الباطل شأنه الذهاب والإضمحلال.