تعالى في هذه الآية عنها. ولما كانت هي فرعاً عن الإعجاب بالنفس والفرح بها فالنهي منصب على أصلها كما انصب عليها.
ولما كانت هذه العلة ناشئة عن علة العجب أعقب الله تعالى بيان الداء الذي نهى عنه بذكر الدواء الذي يقلعه من أصله. فقال تعالى: {إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبَالَ طُولًا}. فذكر الإنسان بضعفه بين مخلوقين عظيمين من فوقه ومن تحته، فإذا ضرب برجليه الأرض في مرحه فهو لا يستطيع خرقها، وإذا تطاول بعنقه في اختياله فهو لن يبلغ طول الجبال. فقد أحاط به العجز من ناحيتيه، وذكر الإنسان لضعفه وعجزه أنجع دواء لمرض إعجابه بنفسه.
نعم الإنسان أعظم من الأرض والجبال بعقله، ولكنه لو سار على نور عقله لما مشى في الأرض مرحاً، لأن عقله يبصره بعيوب نفسه ونقائص بشريته، فلا يدعه يعجب بها فلا يكون من المرحين فما مرح إلا وهو محروم من نور العقل مفتون بمادة الجسم، فذكر بضعف هذا الجسم وصغارته.
العجب أصل الهلاك:
اذا أعجب المرء بنفسه عمي عن نقائصها، فلا يسعى في إزالتها، ولهي عن الفضائل فلا يسعى في اكتسابها فعاش ولا أخلاق له مصدراً لكل شر بعيداً عن كل خير.
وعن العجب بالنفس ينشأ الكبر على الناس والاحتقار لهم، ومن احتقر الناس لم ير لهم حقاً، ولم يعتقد لهم حرمة ولم يراقب فيهم إلا ولا ذمة، وكان عليهم- مثل ما كان على نفسه- أظلم الظالمين.
إبليس اللعين- نعوذ بالله تعالى منه- كان أصل هلاكه من عجبه