من قال ما لم يسمع سئل يوم القيامة سمعه فشهد عليه. ومن قال رأيت ولم ير سئل بصره فشهد عليه. ومن قال عرفت ولم يعرف أو اعتقد ما لم يعلم سئل فؤاده فشهد عليه. لأنه في هذه الأحوال الثلاثة قد اتبع ما ليس له به علم. وهذه الشهادة كما قال تعالى: {يَوْمَ تَشْهَدُ عَلَيْهِمْ أَلْسِنَتُهُمْ وَأَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} [1].
هذه الثلاثة تسأل على وجوه منها ما تقدم وهو الذي يرتبط به هذا الكلام بما تقدم من النهي. ومنها سؤال السمع لِمَ سمع ما لا يحل ولِمَ لَمْ يسمع ما يجب، وسؤال البصر لِمَ رأى ما لا يحل، وعن جميع أعمال البصر من نظر البغض والإحتقار ونحو ذلك. وسؤال الفؤاد عما اعتقد وعما قصد وجميع أعمال القلوب.
فوائد ختام الآية:
فختام هذه الآية تأكيد للنهي السابق وتفصيل لطرق العلم وتنبيه على لزوم حفظها واحدة واحدة وترهيب للإنسان من اتباع ما لا يعلم بما يؤول إليه أمره من فضيحة يوم القيامة وخزي بشهادة جوارحه عليه.
فالله نسأل أن يجعلنا متبعين للعلم في جميع ما نعمل، ويثبتنا ما نعمل، ويثبتنا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة. إنّه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم [2]. [1] 24/ 24 النور. [2] ش: ج9، م 6، ص 526 - 535 غرة جمادى الأولى 1349 - أكتوبر 1930.