إيفاء الحقوق عند التعامل:
{وَأَوْفُوا الْكَيْلَ إِذَا كِلْتُمْ وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1).
إيفاء الكيل إتمامه، والقسطاس هو الآلة التي يحصل بها الإيفاء من المكيال والميزان على تعدد أنواعهما، والمستقيم الصحيح الذي لا عيب فيه، ومما يجعله غير صالح للوفاء بالعدل كسره أو اعوجاجه أو أي خلل في تركيبه. والخير: النافع. والتأويل: مصدر أول، بمعنى رجع، من آل يؤول أولاً، بمعنى رجع، وهو هنا بمعنى المرجع والمئال، أي العاقبة.
الأمر بإيفاء الكيل من موضوع ما قبله في الأمر بحفظ الأموال واحترام الملكية. والمكيلات والموزونات مورد عظيم للتعامل، ومعرضة تعريضاً كبيراً للبخس والتطفيف وأخذ مال الناس بالزيادة أو بالتنقيص، إما بفعل الشخص وإما بفساد الآلة، فأمر تعالى بإيفاء الكيل وأمر باختيار الآلة الصالحة لذلك، وبين أن الوفاء يكون عند الكيل بقوله: {إِذَا كِلْتُمْ} على سبيل التأكيد، حتى لا يتأخر الوفاء عن الكيل بأن يكتل ما نقص أو يرد ما زاد، فإن الذي يفصل الحق ويطيب النفوس هو الوفاء وقت الكيل.
الترغيب في إيفاء الكيل:
{ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}
رغب تعالى في الإيفاء بوجهين. الأول: أنه خير، فيفيد العدل والحق وأكل الحلال وراحة البال، وفيه حصول الثقة التي هي رأس مال التاجر، وفيه حفظ نظام التعامل الذي هو ضروري للحياة، وهذه
(2) 35/ 27 الإسراء.