وأن أحوال العباد في الغنى والفقر والسعة والضيق وتعاقبها عليهم بسرعة وبمهل، وتفاوتهم فيها لما يخفي ولما يظهر من العلل- لأمر عجب عجاب يحير الألباب. فعلَّمنا الله تعالى في هذه الآية أنَّ الربَّ هو الذي يربي المربوب في أحواله وأطواره بمقتضى الإصلاح والصواب هو الذي يبسط ويوسع على من يشاء- ولا يشاء إلاَّ ما هو حق وعدل وصواب وإن خفي علينا وجهه- ويقدر، أي يضيق على من يشاء، وكل أحد هو حقيق بالحال الذي هو فيه. وأنه كان بعباده خبيراً مطلعاً على دواخل أمورهم وبواطن أسرارهم من أنفسهم، ومما يرتبط بهم ومن سوابقهم ومصائرهم بصيراً منكشفة له جميع أمورهم.
وكما أنه بالعمل بآية الإنفاق ينتظم أمر العباد في معاشهم، كذلك بالإيمان بهذه العقيدة تزول حيرتهم وتطمئن قلوبهم فيما يرونه من أحوال الرزق في أنفسهم وفي غيرهم. والله يبصر القلوب ويقوم الأعمال إنه سميع مجيب [1].
.. [1] ش: ج6 م، 6 ص 334
غرة صفر 1349 - جولية 1930