واحد منها واتباعه بلا دليل باطل، لأنه ترجيح بلا مرجح فيكون معارضاً بمثله) [1].
لقد سيطرت الطرق الصوفية على الفكر الإسلامي، والمجتمع المغربي في القرن التاسع عشر، سيطرة مذهلة، فبلغ عدد الزوايا في الجزائر 349 زاوية وعدد المريدين أو الإخوان 295000 مريد. والفقهاء الذين عرفوا بمعارضتهم الصوفية أصبحوا بدورهم "طرقيين" فساد الظلام، وخيم الجمود، وكثرت البدع، واستسلم الناس للقدر، وأصبحوا إذا سئل أحدهم عن حاله أجاب: " نَأْكُلْ الْقُوتْ وَنَسْتَنَّى فِي الْمُوتْ " [2] وهذه الظاهرة الإجتماعية أدت إلى تعطيل الفكر وشلِّ جميع الطاقات الإجتماعية الأخرى.
رد الفعل:
أَدَّى انتشار البدع والاعتقاد بالخرافات، وطغيان الطرقية إلى ارتكاس- رد فعل- من طرف جماعة من الفقهاء المسلمين، والعلماء السنيين السلفيين الذين آلمتهم الحال الراهنة، وأقلق ضميرهم سوء الحياة الإجتماعية، وكثرة الضلال، والانحراف إلى الجاهلية، وهؤلاء كانوا هم الرواد الأوائل لحركة الإصلاح الديني والأخلاقي، والإجتماعي في أرض الشهداء.
وهذا الداعي- كما ترى- نبع من صميم المجتمع الجزائري عاملاً مناقضاً للحياة العقلية والإجتماعية المجمدة، وهناك دواعٍ سواه وعوامل أخرى اندفعت من خارج المجتمع وهي النهضة في المشرق وعودة الاتصال الفكري والثقافي بينه وبين الغرب عن طريق الصحافة والكتب والمجلات [1] ذكرى العاقل ص 6 - 7. طبعة قديمة وصفحة 34 - 35 طبعة حديثة. [2] عبارة عامية معناها: نطعم الطعام وننتظر الموت.