في النور عندما يسطع فيبدد سدول الظلام. فباتباعهما فقط تطمئن القلوب بالإيمان واليقين، فتضمحل أمامها الشبهات وتكسر سلطان الشهوات. فتلك الأحوال العديدة الظلمانية التي يكون فيها من أعراض عنهما أو خالفهما يخرج منها إلى الحالة النورانية الوحيدة وهي حالة من آمن بهما واتبعهما كما قال تعالى:
{وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ}.
على العبد أن يقبل ما فيه كماله وسعادته ومرضاة خالقه مما هداه الله إليه برسوله وكتابه وجعل قبوله له سبباً في توفيقه وإخراجه من الظلمات إلى النور، وعليه أن يعتقد أنه لا ينال شيئاً من التوفيق وحظاً من النور إلا بإذن الله، أي إرادته وتيسيره، فلا يعتمد على نفسه ولا على أعماله، وإنما يكون اعتماده على الله، فيحمله ذلك على الإجتهاد في العمل وعدم العجب به ودوام التوجه إلى الله وصدق الرجاء فيه والخوف من عقابه ودوام المراقبة له. ولأجل لزوم هذا الإعتماد على الله الميسر للأسباب الذي لا يكون في ملكه إلا ما أراد- قارن قوله {يَهْدِي} و {وَيُخْرِجُهُمْ} بقوله {بِإِذْنِهِ}.
الإسلام، هو السبيل الجامع العام:
ما جاء به النبي - صلى الله عليه وآله وسلم- والقرآن العظيم هو دين الله الإسلام، فكل ما دل الله عليه الخلق بهما وما وفق إليه من العلم والعمل باتباعهما فهو من الإسلام، ولهذا لما ذكر تعالى إرشاده وتوفيقه للذين اتبعوا رضوانه وإخراجهم من الظلمات إلى النور ذكر إرشاده وتوفيقه لهم إلى الطريق المستوي الموصل إلى الكمال والسعادة ومرضاة الله الجامع لذلك كله بقوله تعالى:
{وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ}.