بكليته إليه، وخلوص قلبه له وتعلقه به- إنما تحصل على أكملها لتالي القرآن العظيم. فإن أفضل ما فيه- وهو قلبه- يكون قائماً بأفضل أعماله، وهو التفكر والتدبر في أفضل المعاني، وهي معاني القرآن. وأن ترجمان ذلك القلب- وهو لسانه- يكون قائماً بأفضل أعماله، وهي البيان بأفضل كلام وهو القرآن. وجوارحه- إذا لم يكن في صلاة- كانت محبوسة على قيام القلب واللسان بأفضل الأعمال. وإذا كان في صلاة كانت قائمة بأفضل عبادة، وهي الصلاة في أشرف موقف، وهو مناجاة الرحمن بآيات القرآن.
فهذا الذكر الحكيم تنزيل الرحمن الرحيم، الذي يحصل هذه الحال التي هي أشرف الأحوال، وهي معراج الأرواح لمنازل الكمال - هو أفضل الأذكار.
وأيضاً- فإن الذكر قلبي ولساني وعملي، والقرآن محصل لذلك كله على أكمله كما سنبينه.
القرآن والذكر القلبي:
فالتالي للقرآن المتدبر لآياته يكون متفكراً في مخلوقات الله وما فيها من حكم ومن نعم، وفي معاني أسمائه وصفاته، وفي مظاهر رحمته وإحسانه وبطشه وانتقامه، وفي أسباب ثوابه وعقابه، وفي مواقع رضاه وسخطه. كما يكون التالي أيضاً متبصراً في عقائده خيراً بأدلتها ورد الشبه عنها، كما يكون أيضاً مستحضراً لربه في قلبه باستحضار حقوقه ونعمه وآلائه، إذ هذا كله مما تضمنته آي القرآن، على أكمل بيان، وأوضح برهان.
القرآن والذكر اللساني:
وكذلك قد اشتمل القرآن على أفضل الأذكار اللسانية، من تهليل وتكبير وتحميد وتسبيح وتمجيد واستغفار ودعاء ... ، وعلى الأسماء