القلوب، وتغيير النفوس، وهذا يؤدي إلى تغيير المؤسسات الإجتماعية. يقول ابن باديس: (إن الذي نوجه إليه الإهتمام الأعظم في تربية أنفسنا، وتربية غيرنا هو تصحيح العقائد، وتقويم الأخلاق، فالباطن أساس الظاهر) [1].
وهو يعتبر أن العناية الشرعية متوجهة كلها إلى إصلاح النفوس، وإن صلاح الإنسان وفساده إنما يقاسان بصلاح نفسه وفسادها، مستشهداً بقول الله تعالى: {قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا} وهو على خلاف المدرسة الإصلاحية التي ترى أن الإصلاح ينبغي أن يبدأ بتغيير المؤسسات الإجتماعية، باعتبار أن الإنسان صار إلى ما صار إليه، نتيجة للعوامل البيئية، المختلفة. وهو لا يتطرف في هذا، ويرى أن إصلاح المؤسسات الإجتماعية لا بدَّ أن يتساوق وإصلاح النفس وتغييرها، ولكن ينبغي البدء بالإنسان، الأمر الذي تجعله المدرسة الأخرى متأخراً عن المسائل المادية. والوسيلة إلى تغيير الذات الإنسانية وتوجيهها، وإلى تحويل الباطن البشري، الذي هو العامل الأخلاقي الأساسي في كل إصلاح عند ابن باديس، إنما هي التربية. لقد كتب مقالاً تحت عنوان: "صَلاَحُ التَّعْلِيمِ أَسَاسُ الإِصْلَاحِ" يقرر فيه هذه الحقيقة فيقول:
"لن يصلح المسلمون إلا إذا صلح علماؤهم، لأنهم بمثابة القلب للأمة، ولن يصلح العلماء إلا إذا صلح تعليمهم "فالتعليم في نظره هو الذي: يطبع المتعلم بالطابع الذي يكون عليه في مستقبل حياته وما يستقبل من عمله لنفسه، ولغيره، ولن يصلح التعليم إلا إذا رجعنا به للتعليم النبوي في شكله، وموضوعه، في مادته وصورته، فقد صحَّ عن النبي فيما رواه مسلم: "إنما بعثت معلماً" وليس المقصود بالتغيير [1] تفسير آية 84 - 85 من سورة الإسراء.