responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 92
والخطب؟ وهذا أيضًا سبيل غير ميسور لعدم استكمال أسبابه، أم بترتيب دروس دينية بأسلوب لا تتجافى عنه أذهان العامة، وهذا أيضًا كالأول، وإذا أمكن هذا ففي أي محل؟ انتهى بهم كل ما ذكرناه إلى لزوم تشييد مسجد جامع بهذا القسم من البلدة حيث يكثر السكان المسلمون، تتولى الإشراف عليه هيأة إسلامية محضة، ليكون المسجد نفسه دعاية إلى الخير، ولتقام فيه الصلوات وهي دعاية أخرى، وليذكر فيه اسم الله وهي دعاية ثالثة، وليكون سببًا في اجتماع المسلمين وهي دعاية رابعة.
ولا يخفى أن هذه البلدة- ولا نكران للحق- تنقصها فضيلة من أمهات الفضائل وهي الاجتماع المثمر للتعارف، وقد فاتتها بفوات هذه الفضيلة مجموعة من مجاميع الأدب الغالية وهي آداب الاجتماع، وفَاتَها بفوات ذلك كله خير عظيم وهو ما يتمتع به المجتمعون من ثمرات الاجتماع.
وهذا في الحقيقة نقص معيب وتقصير شائن، خصوصًا وهو نقص فيما نستطيع الكمال فيه، والمتنبي يقول:
وَلَمْ أَرَ فِي عُيُوبِ النَّاسِ شَيْئاً … كَنَقْصِ الْقَادِرِينَ عَلَى التَّمَامِ
...
خرجتْ هذه الفكرة من القول إلى الفعل، وكان خروجها عبرة للمعتبرين، فقد كان الناس فيها فريقين: فريق غلب عليه التفاؤل وصدق العزيمة وقوة الإرادة، فكان يرى النتائج مقرونة بالمقدمات، والخواتم متصلة بالْبِدَايات، وهذه الصومعة الشاهقة تكاد تلحق بأسباب السماء والأساس لم يحفر بعد، وهكذَا فلتكن العزائم، ومئات الآلاف كأنّها منقودة ولمّا يجمع منها فلس.
وفريق غلب عليه التشاؤم، فكان يرى أن تحقيق هذه الأعمال بعيد المنال، لأنها تتوقّف على الأموال، والأموال عليها أقفال، وتتوقف على صبر متين، ووقت هو في نظرهم ثمين، وفاتهم أن همم الرجال تهدّ الجبال، وكذلك كان، فقد وُضعتْ مسألة الجامع في سوق الخير كما توضع السلعة، فكثر المشترون للثواب بأموالهم، والمصدقون للأقوال بأفعالهم.
واستبشر المؤمنون ببيعهم الذي بايعوا به، وأصبحت مسألة الجامع ميدان زحام، ومنار همّة من كل همام.
أيها السادة: إن لله في هذا الجامع حكمة، فقد كان مصداقًا للمثل الذي ضربه نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - بحال الثلاثة الذين دخلوا عليه وهو جالس مع أصحابه، فيما روينا في صحيح

اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 92
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست