responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 403
وثاني الاحتمالات أن الاشارة راجعة إلى هذه السورة، سورة إبراهيم، ورغم كونها ليست من السور الطوال فإنها مشتملة على الأصول المذكورة في هذه الآية، ففيها البلاغ، والإنذار، والإعلام بتوحيد الله، والتذكير، ومثلها كثير من سور القرآن.
وثالثها أنها راجعةٌ إلى ما بعد قصة إبراهيم من هذه السورة، وَيَبْتَدِئ من قوله تعالى [152]: {وَلَا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ غَافِلًا عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ، إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ [153] فِيهِ الْأَبْصَارُ}، وهذا الاحتمال ضعيف ضيق، لا يقتضيه سياق الآيات التي قبله، وفرق بين الإشارة في هذه الآية والإشارة في قوله تعالى [154]: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ وَهُدًى وَمَوْعِظَةٌ [155] لِلْمُتَّقِينَ}، فإن الإشارة في تلك الآية يحسُنُ أن يكون مرجعها خاصًا، وهو قصة أُحُد [154] التي توسطتها هي، لقد وقع في قصة أحد من الحوادث ما استوجب تنبيه المسلمين أَنَّها من سُنَنِ الله التي لا تتحول ولا تتبدل إكرامًا للنبي ولا لأتباعه، والتي بني عليها هذا الدين، وقد جاء قبل تلك الإشارة قوله تعالى [157]: {قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ فَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُكَذِّبِينَ}، وبعدها قوله تعالى [158]: {وَلَا تَهِنُوا وَلَا تَحْزَنُوا، وَأَنْتُمُ الْأَعْلَوْنَ، إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}، فكان الأقرب في مرجع الإشارة أنه خصوص ما ورد في أثناء قصة أحد من توبيخ المسلمين على مخالفة أمر الرسول وما وقع منهم من التنازع والفشل، ونهيهم عن الوهن، والحزن، والتألم ليس الفرح. وكلمة بلاغ أوسع معنى في الاستعمالات القرآنية من كلمة بيان، كما يظهر لمتدبر القرآن، المتفقه في أسرار مفرداته وتراكيبه، المستقرئ لمواقع الكلمات فيه.
وهذه الآية من حجج الله البالغة على المسلمين الذين نبذوا القرآن ظهريًا، واتخذوه مهجورًا، وعطلوه عما أنزل إليه تعطيلًا، فهي وأمثالها من الآيات الواردة بمعناها، تبين الفوائد العملية التي نزل القرآن لتحقيقها والتي هي الحكمة من انزاله، وهم يصدون عن سبيله بالتزهيد فيه، أو يبغونها عوجًا بتأويله. فالله تعالى يأمر نبيه أن يذكّر بالقرآن، ويأمره أن

152) سورة إبراهيم، الآية 42.
153) تفتح فيه الأبصار ولا تغمض هولًا وفزعًا.
154) سورة آل عمران، الآية 138.
155) وَعَظَ: نَصَحَ وذكَّر بالعواقب.
156) غزوة انهزم فيها المسلمون بعد انتصارهم في معركة بدر، وقعت في السنة الثالثة الهجرية.
157) سورة آل عمران، الآية 137.
158) سورة آل عمران، الآية 139.
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 403
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست