responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 355
وفي هذه الآية مع النهي إرشاد إلى علاج الحسد، فإن الحسد مرض نفساني معضل، ولكنه كغيره من الأمراض النفسية يعالج، وقد وصف الحكماء له أنواعًا من العلاج فصلتها كتب السنة وكتب الفقه النفسي ككتاب الإحياء للغزالي.

سورة الناس:
قال تعالى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ}: قد علمنا أن الصفة الجامعة بين هذه السورة وبين التي قبلها (هي المعوذتان)، وعلمنا أنها تسمية نبوية وقد جرت هذه الصفة مجرى الاسم لهما، أما الاسم الخاص بهذه السورة فهو: الناس، كما أن الاسم الخاص بالسورة الأولى: الفَلَق، والمناسبة بين السورتين يرشد إليها اشتراكهما في الوصف وهو التعوذ بهما من الشرور المذكورة فيهما، وفي السورة الأولى الاستعاذة من الشر العام ومن ثلاثة أنلا منه ذكرنا الحكمة في تخصيصها بالذكر. وفي هذه السورة الاستعاذة من شر واحد لكنه سبب في شرور كثيرة.
والمناسبة القريبة بين السورتين هي أن النفوس الشريرة ثلاثة أقسام: قسم يصدر عنه الضرر ويعمله، وقسم لا يريد الخير فيسعى في سلبه وانتزاعه وهو شر من الأول، وقسم يعمل إلى إيصال الشر إلى سلطان الجوارح ومالك هديها وهو المضغة التي إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله. فهو يحسن له الأشياء القبيحة، ويأتيه من جميع النواحي على وجه النصح وإرادة الخير، ويزين للإنسان كل ما يُرديه من القبائح، ويأتيه من بين يديه ومن خلفه وعن يمينه وعن شماله قريبًا منه متصلًا بهواه، وهذا القسم الأخير هو الذي يوسوس بكلمة السوء مزينة الظاهر مغطاة القبح حتى تستنزل صاحبها إلى الهلاك، ولما كان هذا القسم الثالث أعظم خطرًا وأكثر شرًا وأخسر عاقبةً خصص التعوذ منه بسورة كاملة.
رب الناس: هو مربّيهم ومعطيهم في كل مرتبة من مراتب الوجود ما يحتاجون إليه لحفظها، وهاديهم لاستعمال ما منّ به عليهم فيما ينفعهم، {رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى}، وأصله من رَبَّه يَرُبُّه ربًا إذا قام على إنشائه وتعاهده في جميع أطواره إلى التمام والكمال، ولفظه لفظ المصدر، ولكن معناه معنى اسم الفاعل كالعدل يراد به العادل.
ومالك الناس: هو الذي يملك أمر موتهم وحياتهم ويشرع لهم من الدين ومن الأحكام ما يوافق حياتهم الدنيوية والأخروية.
وإله الناس: هو الذي يدينون له بالعبادة والعبودية.
وبلاغة الترتيب إنما تظهر جلية عند استعراض أطوار الوجود الإنساني. فالأول: طور التربية والإعداد، وهما من مظاهر الربوبية، والثانى: طور القوّة والتدبير، وهما من مظاهر الملك، والثالث: طور الكمال والقيام بوظائف العبودية، وهو من مظاهر الألوهية.

اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 355
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست