responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 312
تعطيل مدرسة «دار الحديث» *
تعوّدنا أن نكظم الغيظ إذا كربتنا الحوادث، وتعوّدنا أن نطوي النفوس على مكروهها إذا رمتنا الأيام بما لا صبر عليه، شنشنة من الصبر طبَعنا عليها دينُنا، وخُلُق من الرزانة هَدَتْنا إليه التجارب المتكررة، خصوصًا بعد أن أصبحنا نساوَم على الصبر، وأصبحنا نُرمى بالأحداث عن عمد، استفزازًا لعواطفنا، وتحريكًا لشواعرنا، واستدراجًا لنا إلى المعاطب إن غلبنا على الصبر فبدرت منا بادرة.
وتعطيل مدرسة «دار الحديث» مسألة لا تهمّ جمعية العلماء وحدها بل تهمّ الأمة الجزائرية كلها، وتثير شعورها كلها إلّا فلولًا من المنهزمين في معارك الحقّ لا يقام لهم وزن ولا تعتبر لهم قيمة، فكان اللائق أن يذل في الصحف خبر التعطيل، وأن تدوي حوله صرخات الغضب، وقد بلونا هذه الأمة الوفية في هذه السنوات الأخيرة، فرأينا من آيات شعورها بوجودها أنها أصبحت تتأثر فرحًا بالأعمال التي تحقّق ذلك الوجود فتندفع في الطرب والابتهاج إلى الحدّ الذي يشبع ذلك الشعور، وتتأثر حزنًا لحدوث المعاكسات لتلك الأعمال فتندفع في الغضب والاحتجاج على مقدار ذلك الشعور.
ومن المصائب "الاستثنائية" على هذه الأمة أن القوانين تفرض عليها أن تفرح بمقدار وأن تحزن بمقدار. وإنّ شرّ ما تبتلى به الأمم التحكّم في العقائد والتحكّم في الضمائر، وقد ابْتُلِيَت هذه الأمة بهذا الشر من جهة الجامدين الذين تحكّموا في عقائدها، ومن جهة المستبدّين الذين تحكّموا في ضمائرها، وهي الآن في دور اجتلاء بين شعورها بحقّها في الوجود، وبين هذه الحواجز والسدود، التي يُقيمها لها أهل الاستبْداد وأهل الجمود، والعاقبة للمتقين.

* جريدة "البصائر"، عدد 100، السنة الثالثة، 18 فيفري 1938 (بدون إمضاء).
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 312
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست