responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 180
لقيته- رحمه الله- ببلدة دمشق على أثر انتهاء الحرب العظمى وقد جاءها ليتصل بالهيئات العاملة لخير العرب، وليزور أهله في القلمون من لبنان الشمالية.
ونزل ضيفًا على صديقنا العالم السلفي الشيخ بهجت البيطار. وبيت آل البيطار في دمشق هو مبعث الإصلاح ومطلعه. ولعميدهم الشيخ عبد الرزاق البيطار ورفيقه الشيخ جمال الدين القاسمي صداقة باذخة الذرى، وصلة وثيقة العرى بالأستاذ الإمام، تجمع الثلاثة وحدة الفكرة والرأي والسلفية الحقة والاستقلال في العلم. والبيطار والقاسمي عالمان جليلان لم أدركهما حين دخلت دمشق. ولكني قرأت من آثارهما في الكتب التي كتباها، ورأيت من آثارهما في النفوس التي ربياها، ما شهد لي أنهما ليسا من ذلك الطراز المتعمم الذي أدركناه بدمشق، ولثانيهما آثار مطبوعة هي دون قدره، وفوق قدر علماء مصره.
كنا نذهب ليلًا إلى دار صديقنا البيطار للسمر مع الشيخ رشيد. ورفيقي إذ ذاك الأستاذ الشيخ الخضر بن الحسين، المدرس الآن في الأزهر. وأشهد أنها كانت ليالي ممتعة يغمرنا فيها الأستاذ رشيد بفيض من كلامه العذب في شؤون مختلفة. وإن أنس فلا أنس إحسانه في التنقل ولطف تحيله في الخروج بنا من معنى آية إلى شأن من شؤون المسلمين العامة.
وكان في الليالي التي اجتمعنا به فيها يستولي على المجلس ويملك عنان القول، فلا يدع لغيره فرصة للكلام إلّا أن يكون سؤال سائل، مع اشتمال المجلس على طائفة عظيمة من أهل الأفكار المستقلة والألسنة المستدلة. وأخبرني عارفوه أن تلك عادته، فإن كان ما قالوه حقًا فهي غميزة في فضله وأدبه.
وبمناسبة لقائي للشيخ رشيد، فأنا ذاكر قصة لها تعلق به، وهي تنطوي على ضروب من العبر وتكشف عما يضمره العلماء الجامدون للعلماء المصلحين من كيد وسوء نية، وما يصمونهم به من عظائم، مما لا يصدر من مسلم عامي فضلًا عن العالم. وإنني أذكر القصة، بدون تعليق.
صادف قدوم الشيخ رشيد إلى الشام عزمي على الرجوع إلى الجزائر، وخرج الشيخ رشيد إلى القلمون فخرجت بعده إلى بيروت في وجهتي إلى المغرب. وكان من رفاقي في هذه الوجهة الأستاذ محمد المكي بن الحسين شقيق الشيخ الخضر المتقدم. فاجتمعنا ذات صباح بالشيخ يوسف النبهاني الخرافي المشهور في دكان أحد التجار، وكان النبهاني سمع بي فجاء مسلمًا قاضيًا لحق الجوار بالمدينة المنورة، إذ كنا قد تعارفنها فيها، فإنا لكذلك إذ مر بنا الشيخ رشيد ولم يرنا ولم نره. وما راعني إلّا النبهاني يلفت رفيقي ويسأله: أتعرف هذا؟ فأجابه: وكيف لا؟ هذا الشيخ رضا. فما كان من النبهاني إلّا أن قال: هذا أضر على الاسلام من ألف كافر، فكان امتعاض قطعت نتائجه سرعة الانفضاض.

اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 180
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست