responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 172
وانظر الآن إلى الطرق وإلى أهل الطرق بعد أن باعدوا بين الأمة الإسلامية وبين قرآنها، وخلا لهم وجهها، وخلت جنبات النفوس من الحارس اليقظ، ومكنوا فيها خلق الخوف منهم والرجاء فيهم والطاعة والخضوع لهم، وأصبحت مقاليد العامة والدهماء -وهم معظم الأمة المحمدية- في أيديهم. أنظر في أي سبيل صرفوها؟
إنهم بعد أن أفسدوا فطرتها وأماتوا ما غرسه الإسلام فيها من فضيلة، وفككوا كل ما أحكم بينها من روابط أخوة، وراضوها على الذل والمهانة والخضوع وسدوا عليها منافذ النور فاستقامت لهم على ذلك، فرقوها فرقًا وقسموها إلى مناطق نفوذ يتزاحمون على استغلالها واستعمارها، وأغروا بينها. العداوة والتضريب والبغضاء، وإنك لتسمعهم يقولون الاخوة والاخوان فاعلم أنهم لا يريدون أخوة الإسلام العامة ولا يرعون من حقوقها حقًا، وإنما يريدون أخوة الشيخ وأخوة الطريق. وكل ما يجب عليك من حق فهو لأخيك في الطريق أعاذك الله منها. وأن هذه الأخوة القاطعة تفرض عليهم أن يبغضوا كل من لم يتصل معهم بحبل الشيخ، وينابذوه ولا يجتمعوا معه ولو في العبادات الشرعية كالصلاة وقراءة القرآن، أو البدعية كحلقهم الخصوصية، بل يبلغ الغلو ببعضهم (كالتيجانية) أن لا يصلوا خلفه ولا يصاهروه. وتسمعهم يقولون الإحسان وهم لا يريدون الإحسان الذي دعا إليه القرآن. وعندهم أن حق الشيخ قبل حق الزوجة والأولاد والآباء والأجداد، وحق الشيخ في المال قبل حق الفقير والمسكين. بل إنهم يصرفون لهم الزكاة كاملة وينقلونها لأجلهم من بلد إلى بلد. فأين حكمة الله في الزكاة؟ وأين مصارفها التي بينها القرآن؟
لعمرك إن الطرقية في صميم حقيقتها احتكار لاستغلال المواهب والقوى، واستعمار بمعناه العصري الواسع، واستعباد بأفظع صوره ومظاهره.
يجري كل هذا والأشياخ أشياخ يقدس ميتهم وتشاد عليه القباب، وتساق إليه النذور، ويتمرغ بأعتابه، ويكتحل بترابه، وتلتمس منه الحاجات وتفيض عند قبره التوسلات والتضرعات، ويكون قبره فتنة بعد الممات كما كان شخصه فتنة في الحياة. ثم تتوالد الفتن فيكون اسمه فتنة، وأولاده فتنة، وداره فتنة وإذا هو مجموع فتون، تربو عدا على ما في مجموع المتون.
وما ضر هؤلاء الأشياخ- وقد دانت لهم الأمة وألقت إليهم يد الطاعة ومكنتهم من أعراضها وأموالها- أن يأخذوا أموالها سارقين، ثم يورثونها أولادًا لهم فاسقين، يبددونها في الخمور والفجور، والسيارات والملابس والقصور.
ما ضرهم أن تهزل الأمة إذا سمنوا؟ ما ضرهم إذا فسدت أخلاقها ما دام خلق البذل والطاعة لهم صحيحًا؟ ما ضرهم أن تتفرق كلمة الأمة ما دامت مجمعة على تعظيمهم واحترامهم، ومغضية على شرهم وإجرامهم؟

اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 172
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست