responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 138
ثلاث سنوات مرّت على هذه الجمعية كما تمر لياليها السوداء على هذا البحر الأخضر فيعدها ولا تعده. وإذا كان أولها- وهو يوم- مبدأ لوجود الجمعية اصطلح عليه الناس يوم اصطلحوا على أن يقولوا: ولد فلان ومات فلان، فلا يكون بين وجوده وعدمه إلا مراحل تنتهي بيوم، فهل من معنى هذا أن لهذه الجمعية مراحل في الوجود تنتهي بيوم؟ كلا.
إن وجود هذه الجمعية هو وجود الحقائق الخالدة، وإذا كانت تعمل لمعنى لا يحدّه الزمان فهيهات أن يحدّها ليل ونهار.
إن هذه الجمعية كالسحاب ساقه الله إلى بلد ميت فلا يقلع حتى يحييه، وإذا كان إحياء المطر للأرض معنى فوق التحديد فكذلك معنى هذه الجمعية، وان سائق المطر للبلد الميت هو سائق هذه الجمعية لهذا الوطن المشرف على الموت.
وإن جاعل المطر سببًا في إحياء الأرض هو جاعل هذه الجمعية سببًا في إحياء هذا الوطن، فليكفكف المبطلون من غلوائهم وليقصر المرجفون عن إِفكهم وليعلموا أنه لا راد لما الله سائقه وأنهم ليسوا، وإن اجتمعوا، بمعجزي الله.
إن الحد الأخير الذي يحدده التاريخ لهذه الجمعية هو اليوم الذي يصبح فيه المسلمون كلّهم بهذا الوطن ولا مرجع لهم في التماس الهداية إلا كتاب الله وسنّة رسوله، ولا سلطان على أرواحهم إلا الله الحي القيوم، ولا مصرف لجوارحهم وإرادتهم إلا الإيمان الصحيح تنشأ عنه الأعمال الصحيحة فتثمر آثارًا صحيحة. هو اليوم الذي يصبح فيه المسلمون إخوانًا متناصرين أو أعوانًا متآزرين تجمعهم جامعة القرآن وإن فرّقت بينهم المناسب والأوطان. هو اليوم الذي يصبحون، وقد حطّموا القيود والأغلال التي أثقلتهم فذهبت بدينهم ودنياهم من أهواء اتّبعوها، وبدع في الدين ابتدعوها، وسفاسف ما أنزل الله بها من سلطان افتجروها واخترعوها.
يوم يصبحون كما كان سلفهم ذاتًا واحدة تدبرها روح واحدة وتصرفها إرادة واحدة.
يوم يصبح المسلمون متساوين في العبودية لله لا يعبدون غيره ولا يدعون سواه، ولا يسلمون وجوههم إلا إليه ولا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله. وقد عرفوا المقامات الثلاثة فأعطوا لكل مقام حقّه غير منقوص- عرفوا مقام الألوهية فأعطوه ما يستحق من توحيد وتمجيد، وعرفوا مقام النبوّة فأعطوه ما يستحقّ من تعظيم واحترام واقتداء وتأسٍّ، وعرفوا مقام أنفسهم فأعطوها ما تستحقّ من تزكية وتكميل بالاستقامة على صراط الدين، والتسابق إلى التفاضل بالتقوى والاهتداء بسنن الله في كونه وبسننه في دينه.

اسم الکتاب : آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي المؤلف : البشير الإبراهيمي    الجزء : 1  صفحة : 138
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست