responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد المؤلف : الصبيحي، إبراهيم بن سعيد    الجزء : 1  صفحة : 125
فقد بلغ هؤلاءِ من البراعةِ في الدّقّةِ، والتّثبُّتِ، والاحْتياطِ ما يُحِّيرُ العُقُول، حتى لقدْ حدا ببعضِ منْ لم يعْرِفْ لهم قدْرهُم، ولم يطّلِعْ على إمكاناتهم، ولم يضْبِطْ قواعد فنِّهِم، أنْ رأى أحكامهُم على الأخْبارِ تصْحِيحًا وتضْعِيفًا، بكلامٍ مجملٍ، فظنّ أنّهم يدّعُون الغيْب، أو أنّهم يتكهّنُون!
قال أبو حاتم الرازي [1]: "جاء رجلٌ من جلّة أصحابِ الرأي، مِنْ أهلِ الفهْم مِنْهم، ومعهُ دفْترٌ، فعرضهُ عليّ، فقلتُ في بعْضِها: هذا حديث خطأٌ، دخل لصاحبه حديثٌ في حديثٍ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ باطلٌ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ منكرٌ. وقلتُ في بعْضِه: هذا حديثٌ كذبٌ، وسائر ذلك أحاديثُ صِحاح.
فقال لي: مِنْ أيْن علِمْت أنّ هذا خطأٌ، وأنّ هذا باطلٌ، وأنّ هذا كذِبٌ؟ أخْبرك راوِي هذا الكتابِ بِأنِّي غلطتُ وأنِّى كذبتُ فِي حديثِ كذا؟.
فقلتُ لا، وما أدري هذا الجزء مِنْ رواية منْ هو؟ غير أني أعلمُ أنّ هذا خطأ، وأنّ هذا الحديث باطلٌ، وأن هذا الحديث كذبٌ.
فقال: تدّعِي الغيْب؟
قلتُ: ما هذا ادِّعاءُ الغيْبِ.
قال: فما الدليلُ على ما تقولُ؟
قلتُ: سلْ عما قلتُ منْ يُحسِنُ مثل ما أُحْسِنُ، فإِنِ اتّفقْنا، علمت أنا لم نُجازفْ، ولم نقُلْهُ إلا بِفهْمٍ.
قال: منْ هُو الذي يُحْسِنُ مثل ما تحسنُ؟
قلتُ: أبو زرعة.

[1] رواه عنه ابنه في "مقدمة الجرح والتعديل" (ص 349 - 351).
اسم الکتاب : النكت الجياد المنتخبة من كلام شيخ النقاد المؤلف : الصبيحي، إبراهيم بن سعيد    الجزء : 1  صفحة : 125
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست