responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : دراسات وتوجيهات إسلامية المؤلف : سحنون، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 29
لِأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْنِزُونَ} وبشرهم قبل ذلك بالمقت والاحتقار والازدراء من إخوانهم الذين أودع الله حقوقهم عندهم فاستولوا عليها وخانوا أمانه الله فيها.
على أن متوسطي الحال مسؤولون كذلك بل هم أكثر مسؤولية لأنهم الطبقة التي بقيت تشعر بواجبها ولم يفسد الترف عليها ذوقها ولم يقتل الغنى وعيها الديني وشعورها الإنساني وبقيت وحدها في الميدان تبني لأمتها وتؤسس المشاريع النافعة وتنشر العربية والإسلام بفضل تضحياتها بضرورياتها، فإذا كان الإسراف قبيحا فهو منها أقبح، وإذا كان البذل في سبيل الله فضيلة فهو منها أفضل، وإذا كان الاقتصار على الضروريات لأجل القيام بالواجبات جميلا ومتأكدا فهو منها أجمل وعليها أوكد، وإذا كان غشيان محلات اللهو والعبث وارتياد حفلات الخلاعة والمجون ومؤازرة من يعملون لإبادتنا واستئصال شأفتنا، إذا كان كل ذلك جريمة وطنية ودينية كبرى فهي في حقهم أكثر جرما وأكبر إثما، فلتكن الطبقة التي نعدها هي الأمة وهي طبقة متوسطي الحال، على بال ولا تحتقر شيئا من مالها تنفقه في غير ما يعود عليها بالنفع في دينها أو دنياها، فمن القطرات يجتمع السيل ومن الذرات ينشأ الكثيب، والله الغني عن عباده لم يحتقر شيئا من أعمال عباده إذ يقول: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} وإذ يقول: {إِنَّهَا إِنْ تَكُ مِثْقَالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّمَاوَاتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ}. وأنتم أيها الأغنياء: إن الله جعل في أيديكم عصب الحياة، ووقود الأعمال والحركات، وهو المال فمسؤوليتكم عند الله وعند الأمة عظيمة ومنزلتكم من الابتلاء والامتحان كبيرة فلا تحسبوا أن الله اصطفاكم على خلقه أو فضلكم على عباده إذ زادكم بسطة في المال وإنما جعلكم موضع امتحان وابتلاء، {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً} فلا تفرحوا بما آتاكم إن لم يكن لشكره هداكم، وليس شكره أن تقولوا بالسنتكم فقط: نحمد الله ونشكره وأيديكم مغلولة إلى أعناقكم لا تبسطونها بإحسان ولا تمدونها في تضحية، وأيدى إخوانكم الذين جعل الله حظهم في أيديكم لا تبرح ممدودة إليكم بالسؤال وإلى الله بالدعاء فإن لم تستجيبوا لهم بالعطاء، استجاب الله دعاءهم فيكم لأنهم مظلومون بمنعه حقهم، ودعاء المظلوم مستجاب، لأن المال مال الله والخلق عيال الله فلا تمنعوا مال الله عيال الله، {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} واحرصوا على أن تخرجوا

اسم الکتاب : دراسات وتوجيهات إسلامية المؤلف : سحنون، أحمد    الجزء : 1  صفحة : 29
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست