اسم الکتاب : دراسات وتوجيهات إسلامية المؤلف : سحنون، أحمد الجزء : 1 صفحة : 282
إذا زلزلت الأرض
{وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} حقا، كم من آية أودع الله فيها من العظة والعبرة والحكمة البالغة ما لو وقف عندها الإنسان وتدبرها وفكر فيها، لأيقظت مشاعره وشحذت عزائمه، وفتحت نوافذ فكره على دنى وحيوات ما كانت لتتاح له لولا تلك الآية ووقوفه عندها وتفكره فيها، ومن هنايقول عليه الصلاة والسلام: "تفكر ساعة خير من عبادة ستين سنة" فهذه الآيات التي بثها الله في الأرض والسموات هي الكنوز الثمينة التي تمد الفكر البشري بما يحتاج إليه من غذاء، وتسعف العقل الإنساني في ساعات إغفائه باليقظة والشعور، ولكن هذه الكنوز الثمينة القيمة مفتاحها التفكير، فلا يحظى بشيء من نفائسها وأعلاقها من لم يفكر فيها، ويمعن النظر إليها، ويرسل أشعة عقله عليها، وهذه هي الحال الغالبة على الناس، ولذا نبه الله عباده إلى ما غفلوا عنه من الآنتفاع بهذه الآيات بقوله: {وَكَأَيِّنْ مِنْ آيَةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ} (الآية المتقدمة) نعم هذه هي الحال الغالبة على الناس تجاه هذه الآيات {يَمُرُّونَ عَلَيْهَا وَهُمْ عَنْهَا مُعْرِضُونَ}، كأنها شيء لا يستحق الإلتفات.
ولكن الآيات منها صوامت سواكن تعظ القلوب بصمتها، وتحرك سواكن الخواطر بسكونها، كالآيات التي في خلق الأرض والسموت، واختلاف مخلوقاتهما في السموات واللغات كما قال تعالى: {وَمِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ}، وكالآيات التي في تعاقب الليل والنهار واختصاص كل منهما
اسم الکتاب : دراسات وتوجيهات إسلامية المؤلف : سحنون، أحمد الجزء : 1 صفحة : 282