responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجلة «الزهور» المصرية المؤلف : أنطون الجميل    الجزء : 1  صفحة : 418
والثروة، ومال منذ نعومة أظفاره إلى أعمال البر والعطف على الإنسان. وكانت له يد تذكر في مقاومة الرقيق. ولم تلبث قصص الحروب والمرويات عن المعارك وأهوالها أن وجهت منه النظر إلى حالة الجرحى وما يقاسون في ميدان الكفاح. وفي سنة 1859 لما استعرت نار الحرب بين النمساويين والفرنسويين ذهب بنفسه إلى ساحات القتال ليدرس كيفية إمكان مساعدة الجرحى، وحضر معركة سولفرينو التي اشتبكت بين المتقاتلين في الرابع والعشرين من شهر يونيو (حزيران) من تلك السنة. وعند المساء أخذ يطوف ساحة الحرب. فنظر هناك عدداً كبيراً من الجرحى مخضبين بدمائهم يئنون وينوحون ويستغيثون ويستنجدون، ولكن لا مغيث ولا منجد. فأثر هذا المشهد في فؤاده أي تأثير، وخفق قلبه لهول ما رأت عيناه، وقال ما قاله غيره قوتل الإنسان ما أعظم شره. كيف قدم على الفتك بأخيه الإنسان؟ فجمع حوله بعض المتطوعين وباشر للحال مساعدة الجرحى المتروكين.
ومن ذاك الحين أخذ يدرس ويبحث ويطالع، فدخل في أعماق النفس البشرية، فوجد أن الحرب مرض الإنسانية وعلتها الكبرى. فوقف وقفة المداوي الخبير. فرأى أن هذه العلة صعبة الاستئصال، وإن شفاء هذا المرض العضال ضرب من المحال. فقال في نفسه: إذا
كان ليس في الإمكان إيجاد داء لحسم هذا الداء فلنخترع له مسكناً يخفف آلامه.
وآلى على نفسه أن يفرغ جهده ويكرس حياته في سبيل هذا المشروع العظيم، فكتب مقالة عنوانها ذكرى سولفرينو يدعو بها

اسم الکتاب : مجلة «الزهور» المصرية المؤلف : أنطون الجميل    الجزء : 1  صفحة : 418
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست