اسم الکتاب : مجلة لغة العرب العراقية المؤلف : أنستاس الكرملي الجزء : 1 صفحة : 410
الأمة العربية في اعصر حضارتها المدرسة وما إدراكها إذ ذاك من توالي غارات الأقدار ودواعي الدمار التي أفضت بفخامة ملكها ومدنيتها إلى مهاوي الذل والبوار إلى آخر ما طرأ عليها من الاستسلام إلى أحكام الجهل الذي مد رواقه وضرب إطنابه ما بينها يرى انه لم يبق لها من أعلام مجدها وسالف فخرها إلا هذه اللغة التي لا تكاد تضاهيها في الاتساع أي لغة كانت لما خصت به من المزية التي عز أن توجد في غيرها حتى تجاوب صداها بين مشارق الأرض ومغاربها مما لا يسعنا استيفاء ذلك في هذا المقال
ومعلوم أن اللغة إنما تقوم بالذين ينطقون بها وتثبت بثباتهم ومن تدبر ما أشرنا إليه من انفصام عروة حضارة الأمة العربية وتخلفها في حلبة تنازع البقاء تخلص إلى ما لحق باللغة من عوامل الفناء التي دكت حصون ما كتب المتقدمون من مبتكرات الفرائح وطمست الألوف المؤلفة التي لا يأخذها الحصر من أسفار العلوم الجلائل أن كان بالإحراق كما وقع بمكاتب بغداد وفارس والإسكندرية والأندلس وغيرها أو بالاجتياح والنهب والإغراق في لجج لا يعرف لها درك ولا ساحل
اسم الکتاب : مجلة لغة العرب العراقية المؤلف : أنستاس الكرملي الجزء : 1 صفحة : 410