responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3 المؤلف : ملتقى أهل الحديث    الجزء : 1  صفحة : 454
وإنما وردت السنة بتحسين الصوت بالقرآن، لا بقراءة الألحان، وبينهما بون بعيد. اهـ.

قَالَ أَبُو عُبَيْد: وَالْأَحَادِيث الْوَارِدَة فِي ذَلِكَ مَحْمُولَة عَلَى التَّحْزِين وَالتَّشْوِيق. قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ فَكَرِهَهَا مَالِك وَالْجُمْهُور لِخُرُوجِهَا عَمَّا جَاءَ الْقُرْآن لَهُ مِنْ الْخُشُوع وَالتَّفَهُّم، وَأَبَاحَهَا أَبُو حَنِيفَة وَجَمَاعَة مِنْ السَّلَف لِلْأَحَادِيثِ، وَلِأَنَّ ذَلِكَ سَبَب لِلرِّقَّةِ وَإِثَارَة الْخَشْيَة وَإِقْبَال النُّفُوس عَلَى اِسْتِمَاعه.
قُلْت: قَالَ الشَّافِعِيّ فِي مَوْضِع: أَكْرَه الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ، وَقَالَ فِي مَوْضِع: لَا أَكْرَههَا. قَالَ أَصْحَابنَا: لَيْسَ لَهُ فِيهَا خِلَاف، وَإِنَّمَا هُوَ اِخْتِلَاف حَالَيْنِ، فَحَيْثُ كَرِهَهَا أَرَادَ إِذَا مَطَّطَ وَأَخْرَجَ الْكَلَام عَنْ مَوْضِعه بِزِيَادَةٍ أَوْ نَقْص أَوْ مَدّ غَيْر مَمْدُود وَإِدْغَام مَا لَا يَجُوز وَنَحْو ذَلِكَ، وَحَيْثُ أَبَاحَهَا أَرَادَ إِذَا لَمْ يَكُنْ فِيهَا تَغَيُّر لِمَوْضُوعِ الْكَلَام. وَاَللَّه أَعْلَم." 3/ 14

قال العلامة ابن حجر العسقلاني:"
وَلَا شَكّ أَنَّ النُّفُوس تَمِيل إِلَى سَمَاع الْقِرَاءَة بِالتَّرَنُّمِ أَكْثَر مِنْ مَيْلِهَا لِمَنْ لَا يَتَرَنَّم، لِأَنَّ لِلتَّطْرِيبِ تَأْثِيرًا فِي رِقَّة الْقَلْب وَإِجْرَاء الدَّمْع. وَكَانَ بَيْن السَّلَف اِخْتِلَاف فِي جَوَاز الْقُرْآن بِالْأَلْحَانِ، أَمَّا تَحْسِين الصَّوْت وَتَقْدِيم حُسْنِ الصَّوْت عَلَى غَيْره فَلَا نِزَاع فِي ذَلِكَ، فَحَكَى عَبْد الْوَهَّاب الْمَالِكِيّ عَنْ مَالِك تَحْرِيم الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ، وَحَكَاهُ أَبُو الطَّيِّب الطَّبَرِيُّ وَالْمَاوَرْدِيّ وَابْن حَمْدَان الْحَنْبَلِيّ عَنْ جَمَاعَة مِنْ أَهْل الْعِلْم، وَحَكَى اِبْن بَطَّال وَعِيَاض وَالْقُرْطُبِيّ مِنْ الْمَالِكِيَّة وَالْمَاوَرْدِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَالْغَزَالِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة، وَصَاحِب الذَّخِيرَة مِنْ الْحَنَفِيَّة الْكَرَاهَة، وَاخْتَارَهُ أَبُو يَعْلَى وَابْن عَقِيل مِنْ الْحَنَابِلَة، وَحَكَى اِبْن بَطَّال عَنْ جَمَاعَة مِنْ الصَّحَابَة وَالتَّابِعِينَ الْجَوَاز، وَهُوَ الْمَنْصُوص لِلشَّافِعِيِّ وَنَقَلَهُ الطَّحَاوِيُّ عَنْ الْحَنَفِيَّة، وَقَالَ الْفُورَانِيّ مِنْ الشَّافِعِيَّة فِي الْإِبَانَة يَجُوز بَلْ يُسْتَحَبّ، وَمَحَلّ هَذَا الِاخْتِلَاف إِذَا لَمْ يَخْتَلّ شَيْء مِنْ الْحُرُوف عَنْ مَخْرَجه، فَلَوْ تَغَيَّرَ قَالَ النَّوَوِيّ فِي " التِّبْيَان " أَجْمَعُوا عَلَى تَحْرِيمه وَلَفْظه: أَجْمَعَ الْعُلَمَاء عَلَى اِسْتِحْبَاب تَحْسِين الصَّوْت بِالْقُرْآنِ مَا لَمْ يَخْرُج عَنْ حَدّ الْقِرَاءَة بِالتَّمْطِيطِ، فَإِنْ خَرَجَ حَتَّى زَادَ حَرْفًا أَوْ أَخْفَاهُ حَرُمَ، قَالَ: وَأَمَّا الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ فَقَدْ نَصَّ الشَّافِعِيّ فِي مَوْضِع عَلَى كَرَاهَته وَقَالَ فِي مَوْضِع آخَر لَا بَأْس بِهِ، فَقَالَ أَصْحَابه: لَيْسَ عَلَى اِخْتِلَاف قَوْلَيْنِ، بَلْ عَلَى اِخْتِلَاف حَالَيْنِ، فَإِنْ لَمْ يَخْرُج بِالْأَلْحَانِ عَلَى الْمَنْهَج الْقَوِيم جَازَ وَإِلَّا حَرُمَ. وَحَكَى الْمَاوَرْدِيُّ عَنْ الشَّافِعِيّ أَنَّ الْقِرَاءَة بِالْأَلْحَانِ إِذَا اِنْتَهَتْ إِلَى إِخْرَاج بَعْض الْأَلْفَاظ عَنْ مَخَارِجهَا حَرُمَ وَكَذَا حَكَى اِبْن حَمْدَان الْحَنْبَلِيّ فِي " الرِّعَايَة "، وَقَالَ الْغَزَالِيّ وَالْبَنْدَنِيجِيّ وَصَاحِب الذَّخِيرَة مِنْ الْحَنَفِيَّة: إِنْ لَمْ يُفْرِط فِي التَّمْطِيط الَّذِي يُشَوِّش النَّظْم اُسْتُحِبَّ وَإِلَّا فَلَا. وَأَغْرَبَ الرَّافِعِيّ فَحَكَى عَنْ " أَمَالِي السَّرَخْسِيّ " أَنَّهُ لَا يَضُرّ التَّمْطِيط مُطْلَقًا، وَحَكَاهُ اِبْن حَمْدَان رِوَايَة عَنْ الْحَنَابِلَة، وَهَذَا شُذُوذ لَا يُعَرَّج عَلَيْهِ.

¥

اسم الکتاب : أرشيف ملتقى أهل الحديث - 3 المؤلف : ملتقى أهل الحديث    الجزء : 1  صفحة : 454
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست