responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مجلة المقتبس المؤلف : كرد علي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 6
جميع اليمن من يقرأ ويكتب.
قلت: وليس هذا شأن اليمانيين وحدهم في منع عامتهم من تعلم الكتابة والقراءة والخروج من دركات الجهل والأمية بل كانت هذه عادة الأمم القديمة إلا القليل منها يخصون العلم والتعلم بطبقة خاصة من الناس. فقد حصر قدماء المصريين والآشوريين العلم بخدمة الدين واحتكره أبناء الأشراف عند الغرناطيين والرومانيين واختصت به فئة معلومة منتخبة من الهنديين واليونانيين حتى إذا جاء الإسلام أطلق حرية التعلم وأباح تناول العلم لكل متناول وكان من أثره ما كان من الحضارة الراسخة.
هذه زبدة ما يقال في معنى الأمية في الإسلام وقد تقلبت الأحوال بأهله حتى أصبح من لا يستحق منهم هذه الصفة أعزَّ من الغراب الأعصم وهبت على أهل هذا الشرق هبة من روح الارتقاء منذ نحو قرن وما برحت تختلف باختلاف الأيام حتى قام في العهد الأخير ناسٌ راغبون في إنهاض الأمة من حضيض الأمية رجاء تحسين أحوال المجتمع وانتقاء فئة من نوابغ المتعلمين ليكونوا بعد رجال العلم والقضاء والإدارة وسائر مذاهب المعاش.
وما أظن مصر حتى اليوم قامت بعمل أعظم من اهتمام رجالها هذه الآونة بافتتاح كتاتيب يتعلم فيها عامة بنيها ما يخرجهم عن طور الأمية ويلحقهم بالمتعلمين النافعين. وقد شهد كل عاقل ينظر في العواقب من آثار هذه الهمة القعساء ما يرجى معها إذا دامت على أشدها زمناً أن يزيد عدد الدارسين في هذا القطر على عدد الأميين من أهله وهناك أبشر بالخير الذي يعود من فضل هذه العناية على القطر المصري بل على سائر الأقطار والأمصار. وعسى أن يعتبر بهذه النهضة المباركة رجال البلاد المجاورة فيجنون من كتاتيبهم ومدارسهم لو توفروا على إصلاحها والاستكثار منها ما لا يأتيهم به الأماني والتعللات والله الملهم والمسدد.

اسم الکتاب : مجلة المقتبس المؤلف : كرد علي، محمد    الجزء : 1  صفحة : 6
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست