اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 35
لا ريب أن قصة سليمان عليه السلام مع هذه الكائنات تنويه صريح بعلمه وقد تضمنت أنموذجاً فريداً للعالم الشاكر المتواضع في شخصية سليمان عليه السلام: أما شكره فقد تمثل في قوله: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنَا مَنْطِقَ الطَّيْرِ} [1] ، وقوله: {إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْفَضْلُ الْمُبِينُ} [2] ، وقوله بعد أن سمع كلام النملة: {رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَّ وَعَلَى وَالِدَيَّ وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضَاهُ} [3] ، فهذه الجمل متضمنة شكر الله على ما وهبه من العلم، ومعنى {أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ} : وفقني لملازمة شكر نعمتك [4] .
وقد وقع منه مثل ذلك لما رأى عرش ملكة بلقيس مستقراً عنده، ((جعل يشكر نعمة ربه بعبارة فيها تعليم للناس، وهي عرضة للاقتداء بها والاقتباس منها)) [5] ، {قَالَ هَذَا مِنْ فَضْلِ رَبِّي لِيَبْلُوَنِي أَأَشْكُرُ أَمْ أَكْفُرُ وَمَنْ شَكَرَ فَإِنَّمَا يَشْكُرُ لِنَفْسِهِ وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ رَبِّي غَنِيٌّ كَرِيمٌ} [6] ، ((يقول: ليختبرني ويمتحنني أأشكر ذلك من فعله عليّ، أم أكفر نعمته عليّ بترك الشكر له)) [7] .
وأما تواضعه فقد جاء في مطلع القصة في قوله وقول أبيه عليهما السلام: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي فَضَّلَنَا عَلَى كَثِيرٍ مِنْ عِبَادِهِ الْمُؤْمِنِينَ} [8] فقد أشار قولهما إلى اعتقادهما أن في عباد الله من يفضلهم في العلم [9] . [1] النمل، الآية 16. [2] النمل، الآية 16. [3] النمل، الآية 19. [4] انظر الزمخشري: الكشاف 3/140، 142، محمد الطاهر: التحرير والتنوير 22/236،244. [5] ابن عطية: المحرر الوجيز 11/210. [6] النمل، الآية 40. [7] الطبري: جامع بيان 22/165. [8] النمل، الآية 15. [9] انظر الزمخشري: الكشاف 3/140، الآلوسي: روح المعاني 19/171.
اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 35