اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 321
كذلك، الإسلام لا يعرف في جانب العقيدة التجريدات الذهنية، ولا التأملات الفلسفية ولا الترف الفكري، ذلك أن العقيدة الإسلامية عقيدة واقعية، أنزلت لتعالج بمقرراتها، وبما ينبثق عنها من تشريع، واقع الحياة البشرية، الفكري والسلوكي معاً فهي عقيدة الفكرة والحركة، لا عقيدة العزلة، عقيدة تقويم الواقع، لا عقيدة التسليم له. فالعقيدة الإسلامية تُصلح الأفكار، والتشريع الإسلامي يقوِّم السلوك وينظم العلاقات، ومن هنا فالعقيدة في الإسلام سلوكية، والسلوك في الإسلام عقدي.
ولكن الإيمان الذي تصنعه العقيدة الإسلامية في نفس المسلم قد يضعف، فيضعف الالتزام بأحكام التشريع، لذلك، لا غنى للمسلمين عن سلطة سياسية عليا فيهم، تحمل العقيدة وتحميها، وتتفهم التشريع الإسلامي وتنفذه، وتنظم سلوك الأمة في المجتمع على أساسه، وقد صرح الغزالي بضرورة إيجاد السلطة السياسية العليا في الدولة، فقال: ((فبان أن السلطان ضروري في نظام الدنيا، ونظام الدنيا ضروري في نظام الدين، ونظام الدين ضروري في الفوز بسعادة الآخرة)) [1] .
هذا، وضرورة السلطة السياسية في نظرية الدولة في الإسلام تنشأ عن أهمية الغاية التي تمثل الباعث على تشريعها، وهو تحقيق مصالح إنسانية كبرى، والناس قد يُبَطئون في تحقيق مصالحهم، أو يفرطون، فتلحقهم بذلك مفاسد، فيصبح من الضروري وجود سلطة سياسية عامة عليا، يكون صلب وظيفتها ((حمل الناس على مراشدهم)) [2] ، وأساس عملها ((السياسة لاستصلاح الخلق، وإرشادهم إلى الطريق المستقيم)) [3] . [1] الغزالي، محمد بن محمد، الاقتصاد في الاعتقاد، دار الكتب العلمية، بيروت، ط2، د ت، ص 186، 187. [2] الماوردي، الأحكام السلطانية، ص 5، مصدر سابق. [3] الغزالي، محمد بن محمد، إحياء علوم الدين، دار المعرفة، بيروت، د ت، ج1، ص 12.
اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 321