اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 295
غير أن هذه الجهود وتلك اصطدمت بالجمود الفكري والتعصب المذهبي عند الفقهاء والعلماء، وما أحدثته من أثر في أوساط هؤلاء وأولئك سرعان ما زال بوفاة السلطان المذكور [1] .
على أن هذين العاملين إذا كانا في حدي ذاتيهما من أشد العوائق التي عثرت مسيرة الدعوة في المغرب؛ بل وفي غيره من الأقطار الإسلامية؛ بل وفي عقر دارها فإنهما كانا، وفي نفس الوقت، مما عمق الوعي عند طائفة من أبناء الأمة المتنورين بإيجابيات مبادىء الدعوة المستمدة من الكتاب والسنة وغاياتها في تحرير العقل المسلم من قيود الشعوذة وتطهيره من أوضار الخرافة.
وقد انعكس ذلك على مواقفهم من الدعوة وكتاباتهم عنها، وهو مدار حديثنا في الفقرة الثالثة من هذا البحث.
ج - أصداء الوصول:
وقد ترددت بواكيرها في المغرب، كما ألمحنا، في غضون النصف الثاني من القرن الثاني عشر الهجري. وسنعني بتتبع هذه الأصداء ورصدها في آثار:
1 - ولاة الأمر والحكم:
ويأتي في مقدمتهم السلطان سيدي محمد بن عبد الله الذي انتهت الأصداء الأولى للدعوة إلى المغرب في فترة حكمه. وقد كان له في إحياء السنة وإماتة البدعة جهود تمثلت في إعتنائه بكتب الحديث، إلى جانب الأصل الأول، وهي مرجعية الحركة السلفية، كما تمثلت في دعوته لنبذ العقيدة الأشعرية واستبدالها بالإعتقاد المأخوذ من ظاهر الكتاب والسنة بلا تأويل.
وكان يقول في تعليل ذلك بأن (طريقة الحنابلة في الإعتقاد سهلة المرام، منزهة عن التخيلات والأوهام، موافقة لاعتقاد الأئمة كما سبق مع السلف الصالح من الأنام) [2] .
ووضع في ذلك رسالة نبه فيها إلى ما شاع بين العوام (من عموم الجهل بالتوحيد وأصول الشريعة وفروعها حتى ارتكبوا أموراً تقارب الكفر أو هي الكفر بعينه) . [1] نفسه، 8: 67. [2] نفسه، 8: 66.
اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 295