اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 291
وإذا كان لنا أن نرى في استقلال المغرب عن سلطة آل عثمان عاملاً سياسياً خول ولاة الأمر فيه حق الإفصاح عن تجاوبهم مع مبادىء الدعوة ومساندتهم للقائمين على نصرتها بالجزيرة فإن البعض قد يرى في هذا وذاك غاية سياسية تتمثل في تحالف ملوك المغرب وأمراء آل سعود في الجزيرة لمواجهة الخلافة العثمانية.
ونضيف إلى هذين العاملين اللذين كانا لهما أثر في فسح الطريق للدعوة في المغرب عاملين آخرين كان لهما بدورهما ما يماثل ذلك الأثر أو يعمق مجراه. وهذان العاملان هما:
1 - غناء التراث المغربي من رصيد الخطاب السني السلفي. ونمثل لهذا بما ألفه علماء الأندلس والمغرب في محاربة البدع والحوادث والنهي عنها ونصرة السنة ومذهب السلف والذب عنهما، ومن ذلك (كتاب البدع والنهي عنها) لابن وضاح القرطبي (ت 287هـ) و (كتاب الحوادث والبدع) لأبي بكر الطرطوشي (ت 520 هـ) وكتاب (الإعتصام) لأبي إسحاق الشاطبي (ت 790 هـ) . وهذا الكتاب بالذات ذو شأن بالغ الأهمية فيما كشف عنه من الآثار العميقة للبدع في تردي الأمة وفيما أوضحه من الآثار البعيدة لمذهب السنة في انبعاثها. ومن هنا اعتبر الشيخ رشيد رضا كتاب الإعتصام دعوة (لإحياء السنة وإصلاح شؤون الأخلاق والإجتماع) واعتبر الشاطبي بكتابه هذا وكتابه الثاني “ الموافقات ” (من أعظم المجددين في الإسلام) [1] .
ومن ذلك الرصيد آثار أبي الحسن علي بن عبد الحق الزرويلي المعروف بأبي الحسن الصغير (ت 719 هـ) ، وكان في المغرب مثل الشيخ ابن تيمية في المشرق. ومنه أيضاً آثار أبي عبد الله محمد بن أحمد المسناوي الدلائي من أعلام العلماء في القرن الحادي عشر والثاني، وأهمها كتابه (جهد المقل القاصر) انتصر فيه لمذهب السلف ولشيخ الإسلام ابن تيمية. [1] انظر الإستقصا، 8: 66، 68.
اسم الکتاب : مجلة جامعة أم القرى 19 - 24 المؤلف : مجموعة من المؤلفين الجزء : 1 صفحة : 291