responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 93
الأول: أنَّ السيادة ونظريات السيادة، لم تستطع تقديم أساسٍ قانونيٍ أعلى للسلطة، سوء كان ذلك في الفكرة الأولى للسيادة، أو بعد انتقالها إلى الأمَّة أو الشعب؛ وهذا ما دفع بعض كبار أساتذة القانون الفرنسيين (دوجي) إلى أن يقرِّر أنَّ فكرة السيادة بمفهومها الحقيقي، " غير قابلة لأي حلّ بشري! لأنَّه لا يمكن لأحدٍ أن يُفسِّر من الناحية الإنسانية - أن إرادة إنسانية يمكن أن تسمو أو تعلو على إرادة إنسانية أخرى " [1].
ولهذا يقرّر أستاذ آخر هو (لافاريير) أنَّه: " إذا كانت النية تتجه إلى تقديم السيادة على أنَّها حق في الأمر، فإنَّه لا يوجد سوى نظرية واحدة منطقية ومقبولة، وهي: النظرية الدينية، تلك التي تُقرِّر أنَّ السلطة السياسية ترجع في مصدرها إلى الله؛ وفي هذه الحالة إذا ما وجد في السيادة عنصر إلهي، فإنَّ الإرادات البشرية سوف تخضع لقرارات صاحب السيادة؛ لأنَّ هذه السيادة سوف تكون إعلاناً عن سلطة تعلو سلطة البشر " [2].
الثاني: أنَّ سلطة السيادة مطلقة؛ وهذا يعني أنَّه لا يصح أن ترد عليها قيود؛ لأنَّ ورود القيود عليها يخالف جوهر النظرية، ولا تتفق مع طبيعتها كما يقول د. فتحي عبد الكريم، الذي يقول " ولهذا السبب وجدنا أحد كبار المفكرين (جورج سل) يقرر بحق أنّ نظرية السيادة غير مفهومة في ظل شخصية الدولة القانونية التي تحيا في ظل نظام قانوني؛ لأنَّ السيادة تعني قدرة العمل الإرادي المطلق في حين أنَّ الدولة كشخصية قانونية- تعني قدرة العمل الإرادي المحدّد وفق النظام القانوني، ويرى سل أنَّ فكرة السيادة تؤدي إلى هدم فكرة الدولة القانونية ومبدأ سيادة القانون.
أمَّا طبقاً للنظرية الإسلامية، فإنَّ السلطة مقيدة بأحكام القرآن والسنة، والتي تُشكِّل نوعاً سامياً من القانون الدستوري الذي يعلو على القانون الدستوري الوضعي؛ لأنَّ الأمَّة كلّها لو اجتمعت لا تملك أن تغيّر أو تعدّل فيه. وبذلك كانت دولة الإسلام أول دولة قانونية في التاريخ، يَخضع فيها الحكّام للقانون ويمارسون سلطانهم وفقاً لقواعد عليا تُقيدهم ولا يستطيعون الخروج عليها".
الثالث: من حيث ضمانات تقييد السلطة بالسيادة؛ فإنَّ " نظرية السيادة حسب مفهومها الأصلي الصحيح، تأبى أي تقييد للسلطة، ولا تعرفه، وأنَّ السلطة فيها مطلقة من أيّ قيود؛ لذلك فإنَّه يكون من المنطقي أن لا تعرف هذه النظرية فكرة الضمانات اللازمة لتقييد السلطة؛ وبالتالي فلا يمكن القول بوجود أيّة ضمانات لهذا التقييد.
أمَّا بالنسبة للنظرية الإسلامية، فإنَّ الوضع مختلف، ذلك أنَّ رسالة الإسلام لم تكتف بوضع نظام الحكم المقيد؛ وإنَّما عنيت أيضاً بوضع ضمانات لهذا التقييد ... ولقد رأينا من من دراسة النظرية الإسلامية أنَّ هذه الضمانات على نوعين: يتمثل أولهما في الشورى، وما تمثله من ضرورة رجوع الحكّام إلى الأمَّة في الأمور الهامّة. ويتمثل الثاني في رقابة الأمّة نفسها على تصرفات الحكّام، وحقّها في عزلهم إن صدر منهم ما يُبرِّر ذلك " [3] قلت كما ورد في حديث عبادة بن الصامت رضي الله عنه: (دعانا رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعناه؛ فكان فيما أخذ علينا، أن بايعنا على السمع والطاعة، في منشطنا ومكرهنا، وعسرنا ويسرنا، وأثرة علينا. وأن لا ننازع الأمر أهله. قال ((إلا أن تروا كفرا بواحا عندكم من الله فيه برهان)) (رواه الشيخان).

[1] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة، د. فتحي عبد الكريم:463.
[2] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة، د. فتحي عبد الكريم:463.
[3] الدولة والسيادة في الفقه الإسلامي دراسة مقارنة، د. فتحي عبد الكريم:464 - 465.
اسم الکتاب : مقالات موقع الدرر السنية المؤلف : مجموعة من المؤلفين    الجزء : 1  صفحة : 93
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست